الكاتب :صابر العياري
صابر العياري ، صحفي مختص في الصحافة الإلكترونية ورئيس تحرير سابق لعدد من المواقع الإلكترونية
بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين : من يتحمل التكلفة المواطن أم الدولة؟
بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين : من يتحمل التكلفة المواطن أم الدولة؟
أصبح موضوع تغيير وثائق وجواز السفر إلى النسخة البيومترية المقروءة حاليا من أكثر المواضيع التي تشد الرأي العام التونسي اليوم. حيث تقدمت رئاسة الجمهورية إلى البرلمان بمشروع قانون أساسي يتعلق بتغيير وثائق السفر في تاريخ 22 ديسمبر 2023 ويتم حاليا عرضه داخل مجلس نواب الشعب للنظر فيه من قبل لجنة الحقوق والحريات.
وتم يوم 3 جانفي 2024, عقد اجتماع داخل اللجنة للنظر في مقترح مشروع القانون الأساسي ، وتم نشر محضر الجلسة في موقع مجلس نواب الشعب . وعقدت لجنة الحقوق والحريات يوم 22 جانفي 2024 جلسة استماع إلى وزير الداخلية حول مشروعي القانونين الأساسيين عدد 056/ 2023 المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المؤرخ في 22 مارس 1993 المتعلّق ببطاقة التعريف الوطنية وعدد 2023/057 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 40 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، بحضور لجنة الأمن والدفاع والقوات الحاملة للسلاح ولجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد.
كما تمّ تنظيم جلسة استماع أخرى إلى وزير تكنولوجيا الاتصال من قبل لجنة الحقوق والحريات حول مشروعي القانونين الأساسيين المتعلّقين ببطاقة التعريف الوطنية وجوازات و وثائق السفر، يوم الأربعاء 24 جانفي 2024, بحضور لجنة الأمن والدفاع والقوات الحاملة للسلاح ولجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد.
وقد كانت تكلفة وثائق السفر البيومترية وطريقة تجميع المعطيات في البطاقات البيومترية والمعطيات التي سيتم الاستغناء عن وجودها في بطاقة التعريف الوطنية البيومترية ، هي أهم ما تم الحديث عنه بعد جلستي الاستماع.
ولعل ما شد الانتباه هو تضارب الروايات في ما يتعلق بتكلفة جواز السفر البيومتري بين الأطراف المتداخلة في الموضوع.
جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين :
جواز السفر البيومتري هو جواز مقروء آليا حامل لشريحة الكترونية تمكن من التعرف على الهوية باستخدام التقنيات البيومترية للتعرف على الشخص بواسطة الصورة والبصمة. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات التونسية تسعى منذ سنوات إلى تحويل جواز السفر الحالي إلى جواز بيومتري تماشيا مع التقدم التكنولوجي وتماشيا مع توصيات المنظمة الدولية للطيران المدني التي تلزم الدولة التونسية باعتماد هذا الجواز قبل 2024.
وتم خلال السنوات الماضية العمل على تغيير الوثائق الرسمية الحالية إلى بيومترية وتقديم مشاريع قوانين كان أولها في أوت 2016 بعد أن تقدمت وزارة الداخلية بمشروع للتغيير قبل أن تقوم بسحبه في 2018 قبل يوم من إحالته على التصويت في جلسة عامة بالبرلمان ، وتم تقديم نسخة ثانية من القانون في جوان 2020 بتقديم رئاسة الحكومة لمشروعي قانونين أساسيين يتعلقان ببطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر كل على حدا ليتم العمل عليه في جويلية 2021 من قبل البرلمان غير أن الرئيس الحالي للجمهورية قيس سعيد أمر في 25 جويلية 2021 بحل البرلمان والحكومة ما أدى إلى إيقاف العمل على القوانين الأساسية للوثائق البيومترية . وطرح من جديد موضوع جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية البيومتريين و تقديم مبادرة إلى البرلمان في ديسمبر 2023.
ومن ناحية أخرى فقد شهد القانون موجة كبيرة من الرفض والتحفظ خاصة من قبل الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية إضافة إلى التخوف الكبير من ضياع البيانات أو سرقتها وقرصنتها.
وتسعى السلطات التونسية كذلك إلى تغيير بطاقة التعريف الوطنية الحالية بنظيرتها البيومترية والتي تكون متضمنة لشريحة إلكترونية مؤمّنة وفق التشريع الجاري به العمل وتخزن بطاقة التعريف الوطنية البيومترية مجموعة من البيانات منها:
البيانات الوجوبية من الإسم واللقب بالحروف العربية واللاتينية واسم الأب واسم الجد ، الجنس ،إسم الأم ولقبها ، تاريخ الولادة ومكانها ، العنوان ، الإمضاء الخطي باستثناء الأشخاص غير القادرين على الامضاء أو الذين لا يحسنونه ، مدة الصلوحية ، شهادة مصادقة إلكترونية تمكن من التثبت من الهوية عن بعد ومن احداث إمضاء الكتروني وفق التشريع الجاري النافذ.
البيانات الاختيارية التي يتم إدراجها حسب طلب صاحبها ويتم وضع الفئة الدموية ، وضع صفة متبرع في بطاقة التعريف الوطنية ، إضافة إلى امكانية إضافة اسم القرين ولقبه بالنسبة للمتزوجين والمترملين.
البيانات المشفرة وتتمثل في الصورة وبصمة الإبهام الأيمن أو غيرها عند التعذر ، البيانات الإدارية المتعلقة بترقيم وتسجيل البطاقة وترميز بياناتها ، مفاتيح مؤمنة مرتبطة بشهادة المصادقة الإلكترونية ، حسب ما جاء في مشروع القانون الأساسي.
تكلفة الوثائق البيومترية التونسية:
تبلغ الأسعار الحالية للوثائق الوطنية الحالية تقريبا بين 30 و35 دينار لبطاقة التعريف الوطنية باحتساب الطابع الجبائي للبطاقة (20 لأول مرة أوفي حالة التجديد أو تغيير معطيات والبطاقة سليمة و25 إذا كانت البطاقة في حالة تلف أو ضياع ) مع بقية الطوابع الجبائية المعتمدة في بعض الوثائق الضرورية لاستخراج بطاقة التعريف الوطنية.
أما تكلفة جواز السفر فتكون بين 25 دينار للتلاميذ والطلبة و80 دينار لبقية الشرائح العمرية والمواطنين أو 150 دينار في صورة التلف ، وتكون بوصل خلاص بقيمة 150 دينار + السماع في محضر إداري في صورة الضياع.
بالعودة إلى القانونين الأساسيين المعروضين على مجلس نواب الشعب لم نجد ما يفيد بتكلفة الوثائق الرسمية البيومترية في مشروعي القانونين غير أننا لم نجد ما يفيد بتكلفة استخراج هذه الوثائق ، ولعل التصريحات المتضاربة اليوم هي ما أعادت الحديث مجددا عن تكلفة هذه الوثائق وخاصة بعد جلستي الاستماع لكل من وزير الداخلية ووزير تكنولوجيا الاتصال.
رئاسة الحكومة:
أشرف رئيس الحكومة السيد أحمد الحشّاني, يوم 08 نوفمبر 2023 ,بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل وزارية حول مشروع بطاقة التعريف البيومترية وجواز السفر البيومتري، وذلك بحضور وزير الداخلية وكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، ورئيسة الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية.
وفي إطار السعي لتطابق الإجراءات الجاري بها العمل في تونس مع المعايير الدولية، تقرر الموافقة النهائية على مشروع بطاقة التعريف البيومترية و جواز السفر البيومتري، ليتم عرضه على اجتماع مجلس الوزراء وإحالته في مرحلة نهائية إلى مجلس نواب الشعب ، ولم يتم لاحقا الحديث عن بطاقة التعريف الوطنية جواز السفر البيومتريين وتكلفتهما.
الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية :
أكدت القاضية ممثلة القضاء العدلي رئيسة الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية حفصية العرضاوي في تصريح لـ"الصباح نيوز" يوم 27 اكتوبر 2023 على هامش ندوة علمية "لا جديد بخصوص موقفنا من هذا الملف كهيئة وحتى وان وجدت نقاط خلافية فلا أظنها سببا للتعطيل".وتجدر الاشارة الى ان الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية قد أكدت سابقا في إحدى بياناتها عدم معارضتها مبدئيا مشروع الهويتين البيومتريين وأنها تعتبر أن تونس قد تأخرت في إرساء هذه الوثائق البيومترية، مبينة في المقابل أنها تعارض طبقا للقواعد المتعارف عليها في ميدان حماية المعطيات الشخصية مشروع عدم التنصيص على الطبيعة التلامسية للشريحة بخصوص مشروع بطاقة التعريف البيومترية والسماح لوزارة الداخلية بتكوين قاعدة بيانات بيومترية لأكثر من 8 ملايين مواطن.
وأكد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية السابق شوقي قداس، الإثنين 7 مارس 2022، أن تكلفة بطاقة التعريف البيومترية سيتحملها المواطن وفق تصريح له في إذاعة شمس أف أم ، وأضاف أن تكلفة بطاقة التعريف البيومترية تقدر بين 30 و40 أورو أي قرابة 130 دينار تقريبا ، وشدد قداس على ضرورة أن تكون البطاقة تلامسية دون قاعدة بيانات.
تصريحات وزير تكنولوجيا الاتصال:
ومن جهته أكّد وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي يوم 24 جانفي 2024 ، أنه لن تكون هناك أي تكلفة زائدة في استخراج الوثائق البيومترية بحكم أنه من دور الدولة تحمّلها ، وشدد وزير تكنولوجيا الاتصال نزار ناجي خلال جلسة الاستماع حول مشروع القانونين الأساسيين المتعلّقين ببطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ووثائق السفر على أهمية مشروعي القانونين في المرور بتونس إلى مرحلة جديدة في استعمال التكنولوجيا من أجل تسهيل حياة المواطن وتقريب الخدمات وتبسيط الإجراءات . وأضاف أن الوزارة تأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحتملة في علاقة بالمعطيات الشخصية وهي مستعدة لتلافيها وفقا لخيارات تكنولوجية تكفل سلامتها وتحميها من الاختراق. ودعا بناء على ذلك إلى الإسراع في المصادقة على مشروعي القانونين للتمكن من المرور إلى مرحلة هامة تواكب فيها بلادنا التطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال الرقمنة.
رئيسة لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب هالة جاب الله:
أكدت رئيسة لجنة الحقوق و الحريات بمجلس نواب الشعب هالة جاب الله أن كلفة استخراج البطاقة و الجواز الجديدين ستكون أكبر باعتبار وجود شريحة الكترونية لافتة إلى أن مدة صلاحية جواز السفر البيومتري ستكون لمدة 10 سنوات عوضا عن 5.وقد صرحت رئيسة اللجنة مباشرة إثر جلسة الاستماع لوزير الداخلية كمال الفقي بعد عرض مشروع القانون على البرلمان للنظر فيه ، وفق ما نشره موقع الديوان أف أم يوم 23 جانفي 2024.
وبالاتصال برئيسة اللجنة هالة جاب الله أكدت لمنصة تونس تتحرى أن هناك إجابتين في ما يتعلق بالتكلفة وهما إجابة وزير الداخلية الذي قال إن تكلفة بطاقة التعريف الوطنية ستكون بين 20 و40 دينار وستكون تكلفة جواز السفر بين 180 و220 دينار بإعتبار أن مدة الصلوحية ستكون أطول وبعدد صفحات أكثر من الجواز الحالي ، وإجابة وزير تكنولوجيا الاتصال الذي نفى الزيادة في التعريفة باعتبار أن الدولة ستتحمل التكلفة الإضافية في إطار التتشجيع على رقمنة الإدارة ، ومازال هناك تداخل في الموضوع باعتبار أن وزير تكنولوجيا الاتصال يقصد شهادة المصادقة الالكترونية فقط ووزير الداخلية يتحدث عن الشريحة فقط ، إذ أن هناك شريحة الكترونية وشهادة مصادقة الكترونية ، غير أن الجلسات مازالت متواصلة والنقاش متواصل مع اللجنة الفنية للتثبت من هذا الموضوع للاجابة عن موضوع التكلفة وتنوير الرأي العام والمواطنين ، مشددة على أن الزيادة ليست كبيرة جدا وستكون على الشريحة الالكترونية فقط.
لاقى مشروعا القانونين الأساسيين لكل من بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر البيومتريين سابقا عددا من موجات الرفض سواء من الأحزاب أو الجمعيات والمنظمات الوطنية والعالمية وتم التأكيد على أن هذين القانونين لم يتم فيهما ضبط معايير السيادة الرقمية وحفظ البيانات خوفا عليها من الاتلاف أو القرصنة ومع المبادرة الجديدة التي قدمت للبرلمان صارت الصورة أوضح نسبيا غير أننا لم نتمكن من تحديد أهم النقاط الضرورية في عملية التغيير أو في عملية السلامة في ما يتعلق بالجانب التقني للبطاقة والجواز ولم يتم ذكر تكلفة الوثيقتين بالنسبة إلى المواطن وهل سيتحمل المواطن تكلفة هذا التغيير أم تتحمله الدولة مع المحافظة على نفس تكلفة الوثيقتين مستقبلا؟ ويبقى السؤال مطروحا في انتظار المصادقة على مشروعي القانونين.
الكاتب :صابر العياري
صابر العياري ، صحفي مختص في الصحافة الإلكترونية ورئيس تحرير سابق لعدد من المواقع الإلكترونية