تفسيري

ماهي الإجراءات المتبعة في تفتيش مكاتب المحامين وهيئة وفروع هيئة المحامين وهل تم إتباعها في الإيقافات الأخيرة؟

تفسيري

ماهي الإجراءات المتبعة في تفتيش مكاتب المحامين وهيئة وفروع هيئة المحامين وهل تم إتباعها في الإيقافات الأخيرة؟

راجت خلال الأيام الأخيرة أخبار وتصريحات عن أن هيئة المحامين أو دار المحامي تعتبر مكان عام مثله مثل بقية الأماكن التي تتمكن قوات الأمن من تفتيشها وجلب الأشخاص الموجودين فيها على غرار ما صرّح به المكلف بالإعلام في وزارة الداخلية فاكر بوزغاية لإذاعة الديوان Fm  يوم الثلاثاء 14 ماي 2024 بأن هيئة المحامين أو دار المحامي "مكان عام وليس فيه أي حصانة من أي نوع ، وفي حالات التلبس يمكن للوحدات الأمنية الدخول والقبض على المطلوب للعدالة". ومن ناحية أخرى يرى البعض أن قانون المحاماة يعتبر ضامنا للحريات في هذا الإطار وهناك مجموعة من الإجراءات التي يجب احترامها لتطبيق القانون ، فهل أن الوحدات الأمنية بإمكانها تنفيذ إجراءات المداهمة والجلب بالطريقة القانونية الإعتيادية أم هناك إجراءات استثنائية خاصة بالمحامين ومكاتبهم وهيئتهم وفروعها الجهوية؟.

بالبحث عبر مواقع الواب للحصول على أي تعريفات قانونية وجدنا المرسوم  عدد 79 لسنة 2011 مؤرخ في 20 أوت 2011 يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ووجدنا أن الفصل الأول جاء فيه أن "المحاماة مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل وتدافع عن الحريات والحقوق الإنسانية".
وبمتابعة قراءة المرسوم نجد أن الباب الخامس – في هياكل التسيير تحدث في قسمه الأول عن الهيئة الوطنية للمحامين والفروع الجهوية والذي جاء فيه أن الهيئة الوطنية للمحامين تضم وجوبا جميع المحامين بالبلاد التونسية وتتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي ويديرها مجلس يترأسه عميد وتعقد جلساتها العامة طبق أحكام هذا المرسوم ومقرها تونس العاصمة ، ويتركب مجلس الهيئة من العميد ورؤساء الفروع الجهوية وأربعة عشر عضوا يقع انتخابهم من قبل الجلسة العامة، ويتولى العميد أو من ينيبه تمثيل الهيئة الوطنية لدى كافة السلط المركزية، بينما يتولى رئيس الفرع الجهوي تمثيل مجلس الفرع لدى السلط الجهوية والمحلية.
وجاء في المرسوم أن الفروع الجهوية للمحامين تحدث بكل دائرة محكمة استئناف ويحدث فرع جهوي جديد كلما تم إحداث محكمة استئناف جديدة ، وتتركب مجالس الفروع الجهوية من رئيس وأربعة أعضاء ما لم يتجاوز عدد المحامين المنتصبين بدائرة الفرع الثلاثمائة ، ويرفع في عدد الأعضاء إلى عشرة كلما كان عدد المحامين أكثر من ثلاثمائة وأقل من ألفين وإلى عشرين كلما فاق عدد المحامين الألفين ، ويكون من ضمن أعضاء الفرع وجوبا محام عن كل محكمة ابتدائية.
ونص الفصل 48 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 في فصله 48 على أنه "يعتبر أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين ومجالس الفروع الجهوية سلطة إدارية على معنى أحكام الفصل 82 من المجلة الجزائية والاعتداء على أحد أعضائها أو على أي محام أثناء ممارسته لمهنته أو بمناسبة ذلك يعاقب عليه بالعقاب المستوجب للاعتداء على قاض".

وينص مرسوم المحاماة لسنة 2011 في الفصل 46 منه على أنه في صورة وجود تتبعات جزائية ضد محام فإنه يتم إعلام رئيس الفرع الجهوي المختص بذلك حينها. ويحال المحامي وجوبا من طرف الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف على قاضي التحقيق الذي يتولى بحثه في موضوع التتبع بحضور رئيس الفرع المختص أو من ينيبه للغرض ولا يجوز تفتيش مكتب المحامي إلا في حالة التلبس وبعد إعلام رئيس الفرع الجهوي المختص.
"ولا تباشر أعمال التفتيش إلا بحضور المحامي وقاضي التحقيق ورئيس الفرع أو من ينيبه للغرض. ولا يشترط حضور المحامي إذا كان بحالة فرار. وتسري هذه الأحكام على مكاتب الهيئة الوطنية للمحامين وفروعها.
وعلى قاضي التحقيق تحديد مناط بحثه ونوعية الوثائق أو الأدلة التي يروم حجزها. ولا يمكنه الاطلاع على ملفات أو وثائق لا صلة لها بالقضية موضوع تعهده أو حجزها.
وفي حالة التلبس يقوم مأمورو الضابطة العدلية بكل الإجراءات ما عدا سماع المحامي.
ويتعين في جميع الأحوال على قاضي التحقيق أو أعوان الضابطة العدلية المباشرون للتفتيش أن يلتزموا بحدود ما له ارتباط وثيق بالجريمة. وتبطل جميع الأعمال والإجراءات المخالفة لما سبق بيانه".
ويحيل هذا الفصل إلى أنه لا يجوز تفتيش مكتب المحامي إلا في حالة التلبس وبعد إعلام رئيس الفرع الجهوي المختص كما أن هذه الإجراءات تطبق أيضا على مكاتب الهيئة الوطنية وفروعها بخصوص أعمال التفتيش وهذه الإجراءات هي التالية :
- وجود حالة التلبس
- إعلام رئيس الفرع الجهوي المختص
- حضور المحامي المعني وقاضي التحقيق ورئيس الفرع المختص جهويا أو من ينوبه خلال أعمال التفتيش .

وأشار القانون المنظم لمهنة المحاماة إلى أنه وطالما أن المحامي المعني موجود بمقر من مقرات الهيئة فإنه تطبق نفس الإجراءات كما لو كان موجودا بمكتبه ، وطبقا لنفس الفصل فإنه يجب إعلام رئيس الفرع المختص جهويا في الحين بأي تتبعات جزائية ضد أي محام.

وبالاتصال بالناطق الرسمي لوزارة الداخلية فاكر بوزغاية, أكد لنا  "أن تطبيق بطاقة الجلب الصادرة  في حق سنية الدهماني من دار المحامي يتم تنفيذها حالا في أي مكان يكون فيه الشخص موجودا وتمت العملية بالاستشارة والتنسيق مع وكيل الدولة العام بمحكمة الاستئناف الذي كان على علم بالموضوع.
كما أضاف أن هيئة المحاماة كانت على علم بإجراءات المعاينة المتخذة في حق سنية الدهماني التي تتعلق بها قضية مفتوحة لدى القضاء ومطلوبة للعدالة".
وأشار بوزغاية إلى أن" إيقاف المحامي مهدي زقروبة لم يكن في نفس الإطار وليس بنفس الإجراء وذلك بتوفر حالة التلبس ليتم القبض عليه في أي مكان يصل إلى علم الوحدات الأمنية أنه موجود فيه. وأوضح بوزغاية أنه إضافة إلى حالة التلبس فإن قانون الطوارئ قائم الذات وساري المفعول والذي قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تمديده في البلاد حتى نهاية العام الحالي 2024 في كامل تراب الجمهورية التونسية ابتداء من 31 جانفي 2024، إلى غاية 31 ديسمبر 2024".

ومن ناحية أخرى قمنا بالإتصال بعميد المحامين التونسيين حاتم المزيو ورئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس العروسي زقير غير أننا لم نتحصل على تصريح لتوضيح الإجراءات وهل تم إبلاغ هيئة المحامين أو رئيس الفرع الجهوي قبل تنفيذ برقية الجلب غير أن الهيئة أشارت في البيانات التي نشرتها على غرار بيان 12 ماي 2024 إلى أنه "وبعد إستعراض الانتهاك الجسيم لدار المحامي يوم السبت 11 ماي 2024 إثر إقتحام قوات أمنية بالزي المدني ملثمة بداعي تنفيذ بطاقة جلب صادرة عن قاضي التحقيق على المحامية الأستاذة سنية دهماني وبث جو من الرعب والهلع والاعتداء بالعنف الشديد على بعض الحاضرين من المحاميات والمحامين وتهشيم للتجهيزات في خرق واضح للإجراءات الجزائية وللقانون والتي تعد مسألة خطيرة لا مثيل لها تتعرض لها المحاماة التونسية فضلا عن الإحالات وإيقاف عدد كبير من الزملاء والزميلات وطالت رموزها ومكاتبها في محاولة يائسة لضربها وتفتيتها والهائها عن دورها الوطني كقوة اقتراح وشراكة فعلية في إقامة العدل وحقها في قانون أساسي يتماشى وحجم هذا الدور كهيئة مستقلة عن أي جهة كانت غير خاضعة لأي توظيف سياسي أو حزبي تدافع عن الحريات العامة والفردية ودولة القانون والمؤسسات.
ويدين مجلس الهيئة الوطنية المحامين بشدة الاعتداء السافر على دار المحامي بوصفها مقرا من مقرات الهيئة الوطنية المتمتعة بحماية قانونية خاصة طبق القانون و خاصة أحكام الفصل 46 من مرسوم المحاماة".


وعن قضية المحامي مهدي زقروبة أصدرت أمس الأربعاء 15 ماي 2024 الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين بلاغا جاء فيه أن مقرات الهيئة بدار المحامي تعرضت للمرة الثانية على التوالي يوم 13 ماي 2024 إلى اعتداءات واقتحام وذلك بتولي فرقة أمنية من الولوج إليها دون إذن ودون احترام الاجراءات وايقاف الزميل الأستاذ المهدي زقروبة المحامي بتونس باستعمال القوة المفرطة".


ومن ناحية أخرى أشار رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى استقباله، ظهر يوم الأربعاء 15 ماي 2024 بقصر قرطاج وزيرة العدل ليلى جفال على أنه لا أحد فوق القانون والجميع متساوون أمامه كما أوضح رئيس الجمهورية أن دار المحامي توجد فوق التراب التونسي ولا تخضع لنظام لا إقليمية حتى يتحصّن بها أحد ويُردّد بأنه تم اقتحامها، فما حصل تم في إطار احترام كامل للقانون التونسي الضامن للمساواة وللحقّ في محاكمة عادلة".


حاولنا في هذا المقال التفسيري الذي قامت فيه منصة تونس تتحرى بجمع بعض المعطيات للنظر في الإجراءات القانونية التي يتم اعتمادها في صورة وجود تتبعات جزائية ضد محام وهل تم تطبيقها في الإيقافات الأخيرة التي طالت كلا من سنية الدهماني والمحامي مهدي زقروبة.