تفسيري

جدري القردة - الأعراض والتوقي والعلاجات

تفسيري

جدري القردة - الأعراض والتوقي والعلاجات

كثر في الأيام الأخيرة الحديث دوليا عن فيروس جديد بعد فيروس كوفيد 19 ، وولّد فيروس "جدري القردة" أو (إمبوكس) خوفا لدى الدول التي سارعت مباشرة إلى إعلان حالة الطوارئ بعد أن أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تفشي جدري القردة طارئة صحية عامة ، فما هو فيروس جدري القردة ، وما هي أعراضه وطرق الوقاية منه؟

تعرف منظمة الصحة العالمية جدري القردة (إمبوكس) بأنه "مرض فيروسي سببه فيروس جدري القردة، وهو نوع من جِنْس الفَيْرُوسة الجُدَرِيَّة. ويوجد له فرعان حيويان مختلفان أحاديا السلف، هما: الفرع الحيوي الأول والفرع الحيوي الثاني".
وقد اكتشف فيروس جدري القردة في الدانمرك (1958) لدى قرود احتجزت لأغراض البحث، وتعود أول حالة إصابة بشرية بفيروس جدري القردة أبلغ عنها لصبي يبلغ من العمر تسعة أشهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية (1970). ويمكن أن ينتشر جدري القردة من شخص لآخر أو أحياناً من الحيوانات إلى البشر.


ومن ناحية أخرى وبعد الزيادة في تفشي جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية مؤخرا وعدد متزايد من البلدان في أفريقيا قرر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، أن هذا الفيروس يشكل طارئة صحية عامة تثير قلقاً دولياً بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005).


وأشار الدكتور تيدروس، خلال إعلانه عن الطارئة الصحية العالمية إلى "أن ظهور فرع حيوي جديد من فيروس إمبوكس وتفشيه السريع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والإبلاغ عن حالات عدوى في العديد من البلدان المجاورة هو أمر مقلق للغاية. وبالإضافة إلى تفشي أفرع حيوية أخرى من الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية وبلدان أخرى في أفريقيا، من الواضح أن هناك حاجة إلى استجابة دولية منسقة لوقف هذه الفاشيات وإنقاذ الأرواح".


وأصبح الوضع الصحي في العالم اليوم مثيرا للقلق بصفة أكبر بعد أن سجلت وكالة الصحة العامة في السويد، الخميس 15 أوت 2024  أول إصابة خارج افريقيا بالسلالة الجديدة ، وأشار المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة في أوروبا بعد إعلان السويد إلى أن "تأكيد رصد إصابة بجدري القردة ناتجة عن السلالة 1 في السويد هو انعكاس واضح لترابط عالمنا.. من المرجح أن يتم رصد حالات مستوردة إضافية من السلالة الجديدة في منطقة أوروبا في الأيام والأسابيع المقبلة".


ومن ناحية أخرى فقد أعلنت اليوم السلطات في باكستان اكتشاف 3 إصابات بجدري القرود في البلاد، وقالت إدارة الصحة في إقليم خيبر بختون خوا إنه تم رصد 3 إصابات بالفيروس لدى مسافرين وصلوا من الإمارات.

طرق الإصابة :

أكدت منظمة الصحة العالمية أن أي شخص قد يصاب بمرض جدري القردة الذي ينتشر أساسا عبر مخالطة أشخاص مصابين، عن طريق اللمس أو التقبيل أو الاتصال الجنسي ، أو ملامسة الحيوانات المصابة لدى صيدها أو سلخها أو طهيها ، وكذلك ملامسة مواد مثل الملاءات أو الملابس أو الإبر الملوثة وملامسة الحوامل المصابات اللواتي قد ينقلن الفيروس إلى أجنّتهن ، أو من خلال إصابات حادة في هياكل الرعاية الصحية، أو في بيئة مجتمعية مثل صالونات الوشم.
ويدخل الفيروس الجسم عن طريق الجلد المشقّق والأسطح المخاطيّة (مثل الفم أو البلعوم أو العين أو الأعضاء التناسلية أو الشرج والمستقيم)، أو عبر الجهاز التنفسي. ويمكن أن ينتشر جدري القردة إلى أفراد الأسرة الآخرين وإلى الشركاء الجنسيين.
ويحدث سريان جدري القردة من الحيوان إلى الإنسان عبر الحيوانات المصابة التي تنقله إلى البشر عن طريق العضّات أو الخدوش، أو أثناء ممارسة أنشطة مثل الصيد أو السلخ أو نصب الفخاخ أو الطهي أو العبث بالجيف أو أكل الحيوانات.

العلامات والأعراض

يسبب جدري القردة علامات وأعراض تظهر عادة في غضون أسبوع ولكن يمكن أن تظهر بعد يوم واحد إلى 21 يوماً من التعرض للفيروس. وتستمر الأعراض عادةً لمدة تتراوح من أسبوعين إلى 4 أسابيع ولكنها قد تستمر لفترة أطول لدى شخص يعاني من ضعف في جهاز المناعة.


وتتمثل الأعراض الشائعة لجدري القردة في ظهور طفح جلدي والحمى ، التهاب الحلق ، الصداع ، آلام العضلات ، آلام الظهر ، الوهن ، تورم الغدد الليمفاوية ، ويبدأ الطفح الجلدي في شكل قرحة مسطحة تتطور إلى نفطة مليئة بسائل وقد تسبب حكة أو قد تكون مؤلمة. وعندما يشفى الطفح الجلدي، تجف الآفات وتتقشر وتتساقط.
وقد تظهر على بعض الأشخاص آفة جلدية واحدة أو عدد قليل من الآفات الجلدية وتظهر على البعض الآخر مئات من هذه الآفات أو أكثر ، ويعاني بعض الأشخاص أيضاً من تورم مؤلم في المستقيم أو ألم وصعوبة لدى التبول.


وعادة ما تظهر الحمى وآلام العضلات والتهاب الحلق أولا ويبدأ طفح جدري القردة الجلدي في الظهور على الوجه وينتشر في جميع مناطق الجسم، ويمتد إلى راحتي اليدين وباطن القدمين ويتطور على مدى 2-4 أسابيع على مراحل .
ويمكن أن يتعرض الأشخاص المصابون بجدري القردة بالبكتيريا مما يؤدي إلى تلف خطير في الجلد. وتشمل المضاعفات الأخرى الالتهاب الرئوي وعدوى القرنية مع فقدان البصر؛ والألم أو صعوبة البلع والقيء والإسهال التي تسبب الجفاف الشديد أو سوء التغذية؛ أو التهاب الدماغ، والتهاب عضلة القلب، أو التهاب المستقيم أو الأعضاء التناسلية أو الممرات البولية ، ويعاني بعض الأشخاص أيضاً من تورم مؤلم في المستقيم أو ألم وصعوبة لدى التبول.
والأشخاص المصابون بجدري القردة معديون ويمكنهم نقل المرض إلى الآخرين حتى تلتئم جميع القروح وتتشكل طبقة جديدة من الجلد.
 ويتعرض الأشخاص الذين يعانون من تثبيط المناعة بسبب الأدوية أو الحالات الطبية أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض خطيرة والوفاة بسبب جدري القردة.

التشخيص

قد يكون التعرف على جدري القردة أمرا صعبا لأن العدوى والاعتلالات قد تبدو متشابهة، ومن المهم التمييز بين جدري القردة والحماق والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والهربس والزهري وغيرها من أنواع العدوى المنقولة جنسياً والحساسية الناتجة عن الأدوية. وقد تكون لدى الشخص المصاب بجدري القردة أيضاً عدوى أخرى منقولة جنسياً ولهذه الأسباب، تشكل اختبارات التشخيص عنصراً أساسيا يتيح للأشخاص الحصول على العلاج في أقرب وقت ممكن ومنع الانتشار.


ويشكل الكشف عن الحمض النووي الفيروسي وتؤخذ أفضل العيّنات التشخيصية مباشرة من الطفح - الجلد أو السائل أو القشور- الذي تجمع بعملية محكمة تؤخذ فيها مسحات لتشخيص المرض. وفي حالة عدم وجود آفات جلدية، يمكن إجراء اختبارات التشخيص على مسحات تؤخذ من الفم والبلعوم أو الشرج أو المستقيم.
ولا ينصح بإجراء اختبارات تشخيص للدم. وقد لا تكون أساليب الكشف عن الأجسام المضادة مفيدةً لأنها لا تميز بين مختلف أجناس الفيروسة الجدرية.

العلاج واللقاحات

يكمن علاج جدري القردة في العناية بالطفح الجلدي والتدبير العلاجي للألم ومنع المضاعفات ، وينبغي إعطاء اللقاح في غضون 4 أيام بعد مخالطة أحد المصابين بجدري القردة (أو في غضون 14 يوما إذا لم تكن هناك أعراض).
ويوصى بتطعيم الأشخاص المعرضين لخطر العدوى ومنهم العاملون الصحيون المعرضون لخطر التعرض للفيروس ، الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال ، الأشخاص الذين يمارسون الجنس مع شركاء متعددين ، المشتغلون بالجنس ، وينبغي رعاية الأشخاص المصابين بجدري القردة بعيداً عن الآخرين.

الوقاية

توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة الوقاية حماية من العدوى بفيروس جدري القردة واتباع بعض النصائح أهمها البقاء في المنزل وفي غرفة خاصة إن أمكن ، غسل اليدين كثيرا بالماء والصابون أو معقم اليدين، ارتداء كمامة وتغطية الآفات عندما تكون بالقرب من أشخاص آخرين ، الحفاظ على جفاف البشرة وتجنب لمس الأشياء الموجودة في المساحات المشتركة ، الشطف بالمياه المالحة للقروح في الفم ، استخدام حمامات المقعدة أو الحمامات الدافئة مع بيكربونات الصودا أو أملاح إبسوم لتطهير قروح الجسم ، تناول الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية للألم مثل الباراسيتامول (أسيتامينوفين) أو الإيبوبروفين.
ولمنع انتشار جدري القردة بين الآخرين، ينبغي للأشخاص المصابين بجدري القردة الخضوع للعزل في المنزل، أو في المستشفى إذا لزم الأمر، طوال فترة العدوى .

تونس وجدري القردة :

أعلنت وزارة الصحة في تونس أنه وبعد التقصي والمتابعة في الموضوع لم يتم تسجيل أي حالة لمرض جدري القردة وافدة كانت أم محليّة بالبلاد.
واتخذت وزارة الصحة اتخذت جميع الإجراءات لتدعيم المراقبة الصحية واليقظة والترصد في البلاد خاصة على مستوى المعابر من طرف المراقبة الصحيّة الحدوديّة ، وتؤكد الوزارة على جاهزيّة جميع الهياكل الراجعة لها بالنظر لمجابهة دخول هذا المرض للبلاد واتخاذ جميع التدابير الوقائيّة اللازمة على المستوى الوطني والجهوي تحسبا لأي مستجدات ، وذلك وفق بلاغ صادر عنها بتاريخ 15 أوت 2024.



حاولنا في هذا المقال تسليط الضوء في مقال توضيحي عن جدري القردة من ناحية طرق العدوى والأعراض والوقاية والعلاجات لمرض قديم ظهر بسلالة جديدة في القارة الافريقية وتوسع ليصل إلى أوروبا ، بعد أن أعلنت  منظمة الصحة العالمية أن الوضع حاليا يدخل في طور "طارئة صحية عالمية" وجب فيها الحذر مع التزام الوقاية.