تفسيري

تونس تجابه داء الكلب - الأعراض والوقاية وأهم الإجراءات

تفسيري

تونس تجابه داء الكلب - الأعراض والوقاية وأهم الإجراءات

تحاول الجمهورية التونسية اليوم كبح جماح داء الكلب الذي استشرى في البلاد وأدى إلى وفاة 9 تونسيين جراء إصابتهم بالداء إلى حد تاريخ صياغة هذا المقال ، رقم تحركت إثره السلط المعنية وتم بناء عليه عقد مجلس وزاري مضيّق أشرف عليه رئيس الحكومة كمال المدّوري الإثنين 19 أوت 2024 خُصص للنظر في جملة الإجراءات الكفيلة بالتوقّي من تفشّي داء الكلب وذلك بحضور وزراء الداخلية، والصحة والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، والبيئة ، وتسعى وزارة الصحة اليوم والوزارات المتداخلة إلى مقاومة داء الكلب ومزيد السعي من أجل توسيع حملة التلاقيح ومضاعفة الجهود للحد من هذا الداء ، حلول وإجراءات فورية وعاجلة أقرها رئيس الحكومة في المجلس الوزاري المضيق .

سعت الحكومة اليوم إلى اتخاذ حلول عاجلة للوقوف في مجابهة هذا الوباء الذي يسري في عدد من المناطق وأمام تسجيل عدد 9 وفيات تم التأكيد على :
تفعيل خلية الأزمة بوزارة الصحة، ووضع أرقام خضراء على ذمة المواطنين للإرشاد والتوجيه والتحسيس، وتأمين الإحاطة النفسية من قبل أخصائيّين نفسانيين عند الإقتضاء.
تعزيز محاور البرنامج الوطني لمقاومة داء الكلب ومراجعته وتحيينه في ضوء المستجدات الحالية.
 تقديم موعد انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد داء الكلب، وتشريك الأطباء البياطرة وأطباء القطاع الخاص في حملات التلقيح.
الإذن بالشروع في تنظيم حملات تحسيس وتلقيح مركزيا وجهويا ومحليا واستهداف الأسواق الأسبوعية في الجهات.
مضاعفة التدخلات لمزيد العناية بالمحيط وللقضاء على المصبّات العشوائية للفضلات المنزلية.
 تكليف السادة الولاة بالإشراف على تنفيذ الإجراءات المتخذة، وعقد جلسات عمل ومتابعة دورية في الغرض.
وضع إطار قانوني يتعلّق بتنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب.
وأكّد رئيس الحكومة على التطبيق الفوري لمختلف هذه الإجراءات وإحكام متابعة تنفيذها بصفة دورية.



 
ومن جهتها نشرت وزارة الصحة في بلاغ مشترك لها مع عدد من الوزارات مجموعة الإجراءات الفاعلة في مقاومة داء الكلب مؤكدة على ضرورة تعاضد الجهود للتوعية والتحسيس بالمرض وخطورته والانطلاق في حملة التلقيح إضافة إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية قبل التعرض للعض و بعده.




ما هو داء الكلب ؟

داء الكَلَب هو فيروس مميت ينتقل إلى البشر من لعاب الحيوانات المصابة بالعدوى وعادة ما ينتقل من خلال العض ، وغالبا ما تكون الكلاب الضالة الأكثر احتمالًا لنقل الداء إلى البشر ، وتؤكد المنظمة العالمية للصحة أن داء الكلب مشكلة صحّية عمومية خطيرة في أكثر من 150 دولة وخصوصاً في آسيا وأفريقيا إذ يحصد أرواح عشرات الآلاف سنوياً، منهم نسبة 40٪ أطفال دون سن 15 عاماً ، وتنجم نسبة 99٪ من حالات داء الكلب البشري عن عضّات الكلاب والخدوش التي تُحدثها، وبمجرد أن يصيب الفيروس الجهاز العصبي المركزي وتظهر الأعراض السريرية، يصبح داء الكلب قاتلاً في نسبة 100٪ من الحالات.
ويصيب الداء الثدييات، بما فيها الكلاب والقطط والماشية والحيوانات البرّية وينتقل إلى الإنسان والحيوان عن طريق اللعاب، وعادةً ما يكون ذلك بواسطة العضّ أو الخدش أو اللمس المباشر للغشاء المخاطي (للعين أو الفم أو الجروح المفتوحة مثلاً). وبمجرد ظهور الأعراض السريرية للداء، فإنه يصبح قاتلاً بنسبة 100٪ تقريباً.


الأعراض

تؤكد الدراسات الطبية والعلمية أن فترة حضانة داء الكلب تمتد عادة من شهرين إلى 3 أشهر، وتشمل الأعراض الأولية عموما ظهور الحمى والألم والشعور غير العادي أو غير المبرر بالنخز أو الوخز أو آلام حارقة في موضع الجرح وقد تتشابه بشدة الأعراض الأولية لداء الكلب مع أعراض الإنفلونزا. وبعد انتقال الفيروس إلى الجهاز العصبي المركزي، يحدث التهاب تدريجي ومميت في الدماغ والحبل النُخاعي ، ويتخذ داء الكلب الشكلين التاليين:


داء الكلب الهياجي  والذي يتسبب في فرط النشاط والسلوك ويؤدي إلى الهلوسة وفقدان التنسيق ورهاب الماء (الخوف من المياه) ورهاب الهواء (الخوف من تيارات الهواء أو الهواء الطلق). وتحدث الوفاة بعد بضعة أيام بسبب توقف القلب والتنفس.


داء الكلب الشللي والذي يمثل نسبة 20٪ تقريباً من مجموع عدد الحالات البشرية. ويتطور هذا الشكل من الداء في مسار أطول زمنيا تُصاب فيه العضلات بالشلل تدريجياً، بدء من موضع الجرح ويدخل المُصاب ببطء في حالة غيبوبة ويتوفى في نهاية المطاف. وغالباً ما يُخطأ في تشخيص الشكل الشللي لداء الكلب ممّا يسهم في نقص معدلات الإبلاغ عن الداء.


التشخيص

تؤكد منظمة الصحة في تقاريرها أنه لا توجد حالياً أدوات تشخيص معتمدة من المنظّمة  للكشف عن عدوى داء الكلب قبل بدء أعراضه السريرية ، ومن الصعب تشخيصه سريرياً من دون وجود سوابق موثوقة لمخالطة حيوان مُصاب بالداء أو وجود أعراض محددة بشأن رهاب الماء أو رهاب الهواء.
وبمجرد ظهور الأعراض يصبح الموت حتمياً، ويُوصى بتقديم رعاية ملطّفة شاملة ورحيمة ، وينبغي فحص الحيوان الذي عضّ المُصاب كلما أمكن.  


الوقاية

تعتمد الوقاية من داء الكلب على عدد من الاجراءات الفاعلة والعاجلة وتتمثل في :


تلقيح الكلاب

يمثل تلقيح الكلاب، بما فيها الجراء، الاستراتيجية الأعلى مردودية لوقاية الأشخاص لأن تلقيحها يوقف انتقال العدوى من مصدره ، ولا يعد إعدام الكلاب السائبة والضالة في الشوارع وسيلة فعالة لمكافحة داء الكلب.
مستوى الوعي
تعتمد البرامج التثقيفية والتحسيسية على ضرورة التثقيف العام لكل من الأطفال والبالغين بشأن سلوكيات الكلاب والوقاية من عضّاتها، وما يلزم فعله عند التعرّض لعضّات أو خدوش سببها حيوان يُحتمل أن يكون مُصاباً بالداء، وامتلاك الحيوانات الأليفة على نحو مسؤول.


تلقيح الناس

تتوفر لقاحات ناجعة لتمنيع الأشخاص قبل حالات التعرّض المحتملة وبعدها على حد سواء. وبحسب ما يرد في قائمة المنظّمة بشأن المنتجات الطبّية المتحقّق من صلاحيتها مسبقاً، فإنه لا تتوفر على الصعيد العالميّ في عام 2024 إلا 3 لقاحات لداء الكلب البشري التي تحقّقت المنظّمة من صلاحيتها مسبقاً، وهي: لقاح RABIVAX-S من صنع معهد الأمصال في الهند، وهو شركة محدودة خاصة، ولقاح VaxiRab N من صنع شركة Zydus Lifesciences Limited، ولقاح VERORAB من صنع مختبر سانوفي باستور.


ويُوصى بإعطاء العلاج الوقائي قبل التعرّض لمزاولي بعض المهن المحفوفة بمخاطر كبيرة (مثل العاملين في المختبرات الذين يتعاملون مع فيروسات داء الكلب والفيروسات المرتبطة بداء الكلب الحيّة) والأشخاص الذين قد تعرّضهم أنشطتهم المهنية أو الشخصية لمخالطة مباشرة لحيوانات مُصابة بعدوى الداء (الموظفو المعنيون بمكافحة الأمراض الحيوانية وحراس الأحياء البرّية).


ويمثل العلاج الوقائي بعد التعرّض الاستجابة الطارئة للتعرّض لداء الكلب، لأنه يمنع الفيروس من الدخول إلى الجهاز العصبي المركزي، وهو علاج ينطوي على القيام بما يلي:
غسل مكان الاصابة بالماء والصابون لمدة 15 دقيقة والتوجه مباشرة لأقرب مركز للصحة العمومية لتلقي العلاج الوقائي من لقاحات وأمصال وتم وضع رابط مراكز الإحاطة الطبية ، مع وجوبية وضع الحيوان العاض أو الخادش تحت المراقبة البيطرية بداية من الـ 24 ساعة الأولى للاعتداء ولمدة 15 يوم وتفادي قتله طيلة فترة المراقبة واعلام المصالح البيطرية الجهوية بدوائر الإنتاج الحيواني بالمندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية عن كل حالة نفوق مشبوهة أو تغير مفاجئ في سلوك الحيوان إضافة إلى تجنب التعامل مع الحيوانات السائبة وعدم تربية حيوانات مجهولة المصدر .

وبالاتصال بالطبيب البيطري سيف الدين عيساوي أكد أنه تم تسجيل 10 وفيات بداء الكلب في تونس بوفاة طفل في حالة جديدة ، وأضاف العيساوي أن الخزان الأول محصور في تونس في الكلاب السائبة وليس في الكلاب والقطط التي يتم تربيتها من قبل المواطنين داعيا إياهم إلى مزيد المراقبة والتلقيح بصفة دورية ، وطالب بسياسة وطنية واضحة في التعامل مع الكلاب السائبة يتم تعمبمها على البلديات بحصر أعداد الكلاب وحصر الأسباب المختلفة لتجمعها من ذلك وجود المصبات العشوائية أو المعامل أو استعمال الكلاب للحراسة في أشغال البناء وعمل كل منطقة على الأسباب الخاصة بها ، وأشار البيطري إلى أن حلول الدولة المعتمدة منذ سنوات من ذلك حملات القنص لم تؤدي إلى نتائج إيجابية في مجابهة الوباء حاليا ومستقبلا ، مطالبا بتغيير التشريعات  في ما يخص التلاقيح وقوانين الإستغناء عن الحيوانات الأليفة وإلقائها في الشوارع وعدد الكلاب المعتمدة في الحراسة للمصانع والأراضي الفلاحية وإيجاد حلول جديدة للحد من عدد الكلاب السائبة والعمل على تفعيل تلقيح الحيوانات الأليفة وتقليل عدد الكلاب في المصانع والأحياء ومزيد تفعيل القوانين الخاصة بالمصبات العشوائية مؤكدا أن عددا الكلاب يرتفع في صورة وجود المرعى وعدم مراقبتها والعمل على تحديد السليمة منها صحيا والمصابة مع رفضه لعملية القنص العشوائية التي أصبحت دون جدوى.


وقال سيف الدين العيساوي إن المرض منتشر عالميا لكن الدول تسعى للحد منه عبر اعتماد بعض الإجراءات العلمية منها إنشاء مراكز تعقيم للكلاب السائبة في كل بلدية بحصر عدد الكلاب السائبة في كل بلدية وتحديد برنامج واضح للتعامل معها مع امكانية التعاقد مع أطباء بياطرة متطوعين أو المدرسة الوطنية للطب البيطري ووزارة الفلاحة للاعتناء بالكلاب وتعقيمها وتلقيحها وإرجاع الكلاب السليمة إلى أماكنها الأولى مع الإحتفاظ بالشرسة منها أو المصابة أو الإستغناء عنها عبر طريقة الموت الرحيم بعيدا عن القنص الوحشي مستشهدا بفشل تجربة البرازيل والهند في السياسات الخاطئة في التعامل مع الكلاب السائبة.


وعن الوقاية من داء الكلب دعى الطبيب البيطري المواطنين إلى غسل الجرح فقط في صورة الإصابة من حيوان أليف ملقح ولا علاقة له بالحيوانات السائبة ، وفي صورة العض أو الخدش من حيوان مجهول الهوية أو غير ملقح وله علاقة بالشارع وجب على المواطن غسل الجرح والتحول في ظرف 24 ساعة إلى أقرب مركز صحي عمومي لتلقي العلاج ومعاينته من قبل طبيب لتقييم الخطورة وتحديد بروتوكول التلاقيح الضرورية وتحديد مواعيد ضرورية للمتابعة وعدم الإكتفاء بالتلقيح أو المصل الأول.


حاولت منصة تونس تتحرى في هذا المقال التفسير بالتركيز على داء الكلب بعد تسجيل عدد من الوفيات والقرارات الأخيرة المعتمدة من قبل الدولة في التعامل مع الوباء ، وسعينا من خلال هذا المقال إلى توضيح المرض وتشخيصه وطرق الوقاية منه ومد المواطنين ببعض التوضيحات حول طرق التعامل معه في صورة الخدش أو العض من قبل الحيوانات في المنازل أو الحيوانات السائبة.
 ويذكر أنّ منصة تونس تتحرى نشرت سابقا مقالا تفسيريا عن حقوق الحيوان في مجابهة داء الكلب والوقوف ضد عملية القنص العشوائي للحيوانات.