الكاتب :صابر العياري
صابر العياري ، صحفي مختص في الصحافة الإلكترونية ورئيس تحرير سابق لعدد من المواقع الإلكترونية
هل كانت النزاعات الانتخابية في الأصل من اختصاص القضاء العدلي وتم نقلها إلى القضاء الإداري في سنة 2014؟
هل كانت النزاعات الانتخابية في الأصل من اختصاص القضاء العدلي وتم نقلها إلى القضاء الإداري في سنة 2014؟
نشر عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق سامي بن سلامة مساء يوم الأربعاء 25 سبتمبر 2024 تدوينة على صفحته الشخصية في فايسبوك جاء فيها التالي: "ورد في تقرير لجنة التشريع العام "أن النظر والفصل في النزاعات الانتخابية هو في الأصل من أنظار القضاء العدلي ولم يتم إحالته على القضاء الإداري إلا منذ سنة 2014 حيث تم إقراره في سياق شهد محاصصات حزبية ومصالح ضيقة" انتهى الاقتباس ، والواقع أن ذلك غير صحيح إطلاقا والدليل أن النزاعات الانتخابية كانت اختصاصا حصريا للقضاء الإداري في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 ، الصفحة عدد 195 من تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصادر سنة 2012 يثبت ما لا يستحق لإثبات ، كيف يمكن لمقترح قانون قائم منذ بدايته على مغالطات فجة أن يمر ؟ أليس فيهم رجل رشيد ؟".
وبالتدقيق في ما ورد بتقرير لجنة التشريع العام بخصوص أن النظر والفصل في النزاعات الانتخابية هو في الأصل من أنظار القضاء العدلي ولم يتم إحالته على القضاء الإداري إلا منذ سنة 2014 تبين أنه زائف.
في مرحلة أولى, قامت منصة تونس تتحرى بالرجوع إلى تقرير لجنة التشريع العام حول مقترح قانون أساسي يتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء عدد 69 /2024. فوجدنا أن المقطع الذي نشره سامي بن سلامة مقتطف من الصفحة 5 في الجزء الخاص بالاستماع إلى النواب المبادرين بمقترح القانون والذي جاء فيه أن تعهد القضاء العدلي بالنزاع الانتخابي ليس بدعة خاصة وأن النظر والفصل في النزاعات الانتخابية هو في الأصل من أنظار القضاء العدلي ولم يتم إحالته على أنظار القضاء الإداري إلا منذ سنة 2014 ، حيث تمّ إقراره في سياق شهد محاصصات حزبية ومصالح ضيقة :
في مرحلة ثانية قامت منصة تونس تتحرى بالعودة إلى المجلة الانتخابية1969-04-08 والتي وجدنا فيها أن النظر في الطعون في الانتخابات أو نتائجها يكون من صلاحيات المجلس الدستوري حسب الفصل 163 الذي ينص على التالي:" يتولى المجلس الدستوري مراقبة سير عمليات الاستفتاء.ويقع إشعار المجلس الدستوري عاجلا من قبل الحكومة بجميع الإجراءات المتخذة والمتعلقة بعمليات الاستفتاء، يعين المجلس الدستوري مندوبين عنه من سلك القضاء العدلي أو من أعضاء المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات لمتابعة سير عمليات الاستفتاء".
وبالعودة إلى دستور الجمهورية التونسية لسنة 1959 وجدنا أن المجلس الدستوري تم النص عليه بالفصل 72 وهو المكلف بالنظر في النزاعات الانتخابية وجاء في الفصل 75 أن المجلس الدستوري يتركب من تسعة أعضاء من ذوي الخبرة المتميزة وبقطع النظر عن السن، أربعة أعضاء بمن فيهم رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية وعضوان يعينهما رئيس مجلس النواب وذلك لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرتين، وثلاثة أعضاء بصفتهم تلك وهم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب والرئيس الأول للمحكمة الإدارية و الرئيس الأول لدائرة المحاسبات.
وبالعودة إلى المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي وجدنا أن المحكمة الإدارية هي المكلفة بالنظر في الطعون في ما يخص الانتخابات.
ومن ناحية أخرى وبالاطلاع على تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصادر سنة 2012 عن ﺳﻴﺮ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻲ وجدنا أن التقرير يتحدث في صفحته عدد 195 عن متابعة الطعون لدى المحكمة الادارية من ذلك تلقي المحكمة الادارية لـ 104 قضية طعن في الإعلان عن النتائج الأولية التي تم الإعلان عنها.
وبالاتصال بالمحامي والقاضي الإداري السابق أحمد صواب أكد لمنصة تونس تتحرى أن هذه المعلومة زائفة و أوضح أنه خلال انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي انعقدت بتاريخ 23 أكتوبر 2011, كانت كل النزاعات الانتخابية المتعلقة بالنتائج والترشحات موكولة للمحكمة الإدارية دون سواها. وأضاف أحمد صواب أن ما ذكر فيه مغالطات و أنه كان مشاركا في الجلسة العامة بالمحكمة الإدارية موضحا أن القانون الانتخابي الأول أعطى الصلاحيات للمحكمة الإدارية التي قامت بإلغاء 5 مقاعد للعريضة الشعبية حينها. وأشار إلى أن النزاع الانتخابي منذ عام 2011 أصبح من اختصاص المحكمة الإدارية، في حين كانت نزاعات القوائم الانتخابية تُنظر تعقيبيًا أمام المحكمة الإدارية قبل الثورة. وقد كانت المحكمة الإدارية جزءًا من النظام القضائي الانتخابي قبل الثورة، حيث كانت الجهة الوحيدة المختصة في القضايا المتعلقة بالترشحات والنتائج. كما أن أكثر من 90% من النزاعات الانتخابية الهامة خلال عام 2014 كانت تحت ولاية المحكمة الإدارية، وفي عام 2011 كانت جميع النزاعات الانتخابية ضمن اختصاصها الحصري.
عند تواصلنا مع مجموعة من القضاة والخبراء القانونيين الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أكدوا أن الفصل في النزاعات الانتخابية المتعلقة بالنتائج والترشحات هو في الأصل من اختصاص القضاء الإداري. وفي عام 2014، تم منح صلاحيات الطور الابتدائي في الترشحات للقضاء العدلي في الولايات خلال الانتخابات التشريعية، نظرًا لأن المحكمة الإدارية كانت مركزية ولا تمتلك دوائر في الجهات. وبموجب المرسوم رقم 8 لسنة 2023، تم إعادة الاختصاص إلى القضاء الإداري، وكان القضاء العدلي استثناءً. وأعربوا عن استغرابهم من هذا التصريح وما تم صياغته في تقرير لجنة التشريع العام.
بناء على هذه المعطيات تصنف منصة تونس تتحرى الخبر الذي مفاده أن "النظر والفصل في النزاعات الانتخابية هو في الأصل من أنظار القضاء العدلي ولم يتم إحالته على القضاء الإداري إلا منذ سنة 2014 حيث تم إقراره في سياق شهد محاصصات حزبية ومصالح ضيقة" في خانة الأخبار الزائفة.
هذا التقرير أنجز ضمن تحالف تدقيق الانتخابات الذي تقوده الشبكة العربية لتدقيق المعلومات AFCN من أريج والشبكة الإفريقية لتدقيق المعلومات Africa Facts.
الكاتب :صابر العياري
صابر العياري ، صحفي مختص في الصحافة الإلكترونية ورئيس تحرير سابق لعدد من المواقع الإلكترونية