زائف

هل يؤدي تلقي لقاح مضاد لكوفيد-19 الى إنجاب أطفال "معدلين وراثيا" ؟ (فيديو)

زائف

هل يؤدي تلقي لقاح مضاد لكوفيد-19 الى إنجاب أطفال "معدلين وراثيا" ؟ (فيديو)

نشرت مجموعة "توانسة ضد إجبارية جواز التلقيح الاستعبادي"  مؤخرا فيديو  بعنوان "أطفال معدلين وراثيا" وقال ناشرو الفيديو إن ما أسموه الأطفال "المعدلين وراثيا"  ولدوا من  آباء وأمهات تلقوا اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 قبل الحمل، وقد لاقى هذا الفيديو انتشارا واسعا كما تفاعل معه العديد من رواد الوسائط الاجتماعية. وبالتحري في الفيديو اتضح أن التدوينة المرافقة له زائفة.



وللتدقيق في الفيديو قامت وحدة التحري باستخدام أداة التدقيق في الفيديوهات InVID التي تقوم بتجزئة الفيديو إلى العديد من الصور وتعطي الفرصة للبحث العكسي عن الصور كل على حدى.


اتضح أن الطفلة الأولى التي وقع تداول مقطع فيديو قصير  لها هي الرضيعة إيلين ليوني وهي لأم سويسرية تدعى ميشيل كلودين التي لاحظ الأطباء بعد مضي 20 أسبوعا على حمل والدتها بها، توقف نموها فجأة اذ لم يكن قلبها ينبض كما ينبغي و يتوقف أحيانًا و كانت حياتها في خطر حتى قبل ولادتها. وولدت الين ليوني يوم 14 نوفمبر 2019 ، بوزن لا يتجاوز 1200 غرام وبلغ طولها 38 سنتيمترا.
وكانت هذه الصغيرة تعاني من مرض" بروجيريا"  أو مرض الشيخوخة المبكرة وهو مرض وراثي نادر جدًا، يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة وفي معظم الحالات يتسبب في موت الطفل مبكرًا، بعمر لا يتجاوز الـ 13 عام، وذلك نتيجة مضاعفات المرض، مثل: الجلطة الدماغية و مشكلات القلب . علاوة على ذلك ، كانت الطفلة ايلين تعاني من عيب في القلب ما أدى الى وفاتها يوم 7 مارس 2021.


وفي هذا السياق، تجدر الاشارة الى أن الرضيعة ايلين ليوني ولدت قبل اكتشاف فيروس كورونا الذي ظهر للمرة الاولى في شهر ديسمبر 2019 في مدينة ووهان الصينية وصنفته منظمة الصحة العالمية كجائحة عالمية في شهر جانفي من سنة 2020 وقد تم التوصل الى لقاحات مضادة للفيروس في شهر نوفمبر من نفس السنة، أي أن والدة الرضيعة لم تتلقى اللقاح قبل الحمل بها كما زعم ناشرو الفيديو.

وبالبحث عن صور الرضع المتواجدين في الفيديو  وجدنا أن صورة أحد الأطفال انتشرت في العديد من بلدان العالم وقد قامت منصة متخصصة في التحقق من الأخبار في التشيك بالتثبت في محتوى الفيديو حيث اتضح أن الطفل الذي يظهر في الفيديو حامل لمتلازمة  أكسينفيلد ريجر Axenfeld–Rieger syndrome  وهي متلازمة لها نمط وراثي سائد تركز على ثلاثة جينات تم تحديدها عن طريق استنساخ نقاط توقف الكروموسومات من المرضى ويمكن أن تؤدي إلى ضعف أو حتى فقدان البصر. وعلى الرغم من أن متلازمة أكسينفيلد ريجر هي في الأساس اضطراب في العين ، إلا أنها يمكن أن تؤثر على أجزاء أخرى من الجسم وهذا المرض النادر وراثي ولا علاقة له باللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19.


وبمزيد التدقيق قامت وحدة التحري بالاطلاع على حساب والدة الرضيع الذي وقع تداول فيديو له، على منصة "تيك توك" حيث نشرت والدة الطفل العديد من الصور والفيديوهات له في الفترة الأولى من ولادته مع أخته التوأم، وقد ولد التوأم "رالف" و"راف" ولادة مبكرة لذلك بقي الاثنان في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة « couveuse de néonatologie »  وقد احتفل الطفلان بعيد ميلادهما الأول يوم 29 سبتمبر 2021، وهما الآن في صحة جيدة حسب الصور والفيديوهات التي تنشرها بصفة شبه يومية والدتهما على حسابها بموقع تيك توك.
أي أن الطفلان رالف وراف ولدا في شهر سبتمبر من سنة 2020، أي قبل الاعلان عن اكتشاف اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 ما ينفي تلقي أبويهما للقاح قبل الحمل بهما.



وفي نفس الاطار قامت "تونس تتحرى"  بالبحث عن أية دراسات علمية تتحدث عن اثار جانبية مشابهة لما تم نشره لدى الرضع من أبوين تلقوا التلقيح ولا يوجد أي دراسة علمية أو مقال يتحدث عن هذا الموضوع.
"حتى الآن ، لا تسلط البيانات الضوء على أي خطر على النساء الحوامل والجنين". تقول إيزابيل لاكروا ، أخصائية الصيدلة من مركز تولوز الإقليمي لليقظة الدوائية التابع للوكالة الفرنسية لسلامة الأدوية والمسؤولة عن مراقبة اللقاحات لدى النساء الحوامل والمرضعات وأضافت لاكروا في حوار أجرته مع صحيفة Le Figaro  الفرنسية يوم 28 ديسمبر 2021 : "قبل أن يتم السماح باللقاحات في السوق ، أجريت الدراسات على الحيوانات وكانت نتائجها مطمئنة منذ البداية". "لم يلاحظ أي زيادة في حالات الإجهاض أو العيوب الخلقية."


كما قام مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة ، من جمع معلومات من 35000 امرأة حامل تم تطعيمها باستخدام  لقاحات فايزر وموديرنا وتمت مراقبة حمل 5230 منهن عن كثب من قبل الباحثين حيث أنجبت 827 امرأة الى حد الآن  و لم يتم رصد أي زيادة في وتيرة الإجهاض التلقائي أو توقف الحمل أو حالات الخداج أوالتشوهات .

وتجدر الاشارة الى أن عديد البلدان حول العالم دعت الى تلقي الحوامل للقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 بما في ذلك تونس . وقد أشارت منظمة الصحة العالمية على موقعها الالكتروني في مقال نشرته في شهر سبتمبر 2021، الى أن  النساء الحوامل معرضات أكثر من غيرهن لخطر الإصابة بفيروس كوفيد -19 ولكن لا تتوفر الى حد الآن سوى القليل من البيانات لتقييم سلامة اللقاح أثناء الحمل.


يمكن تطعيم المرأة الحامل حسب المنظمة، إذا كانت فوائد التطعيم تفوق المخاطر المحتملة للقاح. وبالتالي ، يمكن تطعيم النساء الحوامل المعرضات لخطر كبير للتعرض لـلفيروس مثل النساء العاملات في المجال الصحي.

أما بشأن العنوان الذي اختاره ناشرو الفيديو والمتمثل في "أطفال معدلون وراثيا" فقد قامت وحدة التحري بالبحث في ماهية التعديل الوراثي أو التعديل الجيني حيث أصدرت منظمة الصحة العالمية يوم 12 جويلية 2021،   تقريران  جديدان عن أولى التوصيات العالمية للمساعدة على تكريس تعديل الجينوم البشري كأداة من أدوات الصحة العامة، مع التركيز على المأمونية والفعالية والأخلاقيات وقد جاءت هذه التقارير نتيجة لأول مشاورة عالمية واسعة النطاق بشأن تعديل الجينوم البشري على مستوى الخلايا الجسدية والخط الإنتاشي والصفات المنتقلة بالوراثة. وشارك في المشاورة حسب ما جاء في تقرير منظمة الصحة العالمية، التي امتدت على مدى عامين، مئات المشاركين الذين يمثلون وجهات نظر متنوعة من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم العلماء والباحثون، ومجموعات المرضى، والزعماء الدينيون، والشعوب الأصلية.

وبعد الاطلاع على كافة المعلومات تؤكد "تونس تتحرى" أن هذا الفيديو الذي يظهر رضعا على أنهم "معدلون وراثيا" بسبب تلقي أبويهم اللقاح قبل الحمل، زائف.