يقترن شهر رمضان بمجموعة من الطقوس
والعادات المتعلقة بالصوم منها ما هو صحيح ومثبت علميا ومنها ما لا يعدو أن يكون
معتقدات وأفكار سائدة مغلوطة، تقدم " تونس تتحرى" بمناسبة شهر رمضان
فقرة خاصة بالتحري في صحة ما يروج من أفكار وأخبار متعلقة بالشهر الفضيل. دعونا
نبدأ بفكرة سائدة جدا عن الصوم واقترانه بفقدان أو تقليص القدرة على التركيز! ما
مدى صحة هذا الاعتقاد ؟ وهل توجد براهين علمية عن وجود علاقة بين الصوم ونقص
التركيز؟ ام ان العكس هو الصحيح؟
أثبتت العديد من الدراسات العلمية
والتجارب على غرار دراسة أجراها الدكتور أندرياس ميشالسن ، أستاذ في مستشفى جامعة
شاريتيه في برلين مع مجموعة من الأطباء من
مختلف دول العالم وبعد متابعة آثار الصوم على الاشخاص منذ أكثر من 30 سنة، أن هناك
علاقة عكسية بين مستوي الأنسولين والذاكرة، أي كلما انخفض مستوي الأنسولين في
الدم، وقلت السعرات الحرارية كلما كان هناك المزيد من التحسن في الذاكرة، كما أن
زيادة الدهون فى الجسم ترتبط أيضا بانخفاض القدرات العقلية، والسبب وراء ذلك
انخفاض تدفق الدم إلي المخ مما يؤثر علي عمله اذ يوفر الصوم دفعة قوية من الطاقة
وهذا لأن الجوع يسبب التركيز في الامر الذي نقوم بانجازه وعدم الأكل يحدث تغييرا
في التمثيل الغذائي عن طريق تعبئة الطاقة المخزنة في الأنسجة الدهنية لجسم الإنسان.
لذلك يتحول التمثيل الغذائي من
استهلاك الجلوكوز إلى استهلاك الدهون والكيتونات. وقد تجلى هذا التغيير في الدراسة
من خلال التواجد الدائم لأجسام الكيتون في الكلى، الذي يصنعه الكبد من الدهون و
يمكن أن يساهم بنسبة تصل إلى 60٪ من احتياجات الطاقة للدماغ. وبالتالي ، فإن هذا
الوقود البديل يحافظ على وظائف المخ مع الاحتفاظ بالبروتينات وبالتالي العضلات.
أثبتت عديد الدراسات والبحوث العلمية
أن الحرمان من الطعام أو الصيام لفترات محدده يحث المخ علي التركيز واليقظة شرط
الحصول على نوم كاف بالليل وطعام متوازن ويعود ذلك الى أن الصوم يزيد من مادة
الأوريكسين التي تعتبرإحدى النواقل
العصبية التنشيطية أو التنبيهية التي يفرزها مركز في المخ يعرف "بالمركز
التحت المهادي" والتي تساعد أكثر في التحكم في اليقظة والنوم .
وبعد الاطلاع على الدراسات العلمية
والبحوث المتعلقة بالصوم وعلاقته بالتركيز توصلنا الى أن الاعتقاد السائد بأن
الصوم ينقص القدرة على التركيز غير صحيح بل بالعكس تماما ! فقد أثبتت
الأبحاث أن الصوم يزيد التركيز ويحفز المخ.