زائف

هل شرب الماء بكميات كبيرة في السحور يجنبنا العطش؟

زائف

هل شرب الماء بكميات كبيرة في السحور يجنبنا العطش؟

يقترن شهر رمضان بمجموعة من الطقوس والعادات المتعلقة بالصوم منها ما هو صحيح ومثبت علميا ومنها ما لا يعدو أن يكون معتقدات وأفكار سائدة مغلوطة، تقدم " تونس تتحرى" بمناسبة شهر رمضان فقرة خاصة بالتحري في صحة ما يروج من أفكار وأخبار متعلقة بالشهر الفضيل. من منا لم يستيقظ  مرات في رمضان قبل الإمساك بدقائق ليسارع لتناول بعض الطعام وشرب الكثير من الماء مرة واحدة ظنا منا أن هذه العادة يمكن أن تقينا من العطش في ساعات الصيام.   بحثت "تونس تتحرى" في ما إذا كان شرب الماء بكميات كبيرة في السحور يجنبنا العطش فاتضح أن هذا الاعتقاد زائف.

انطلقنا في عملية البحث في الدراسات والأبحاث المتعلقة بموضوعنا حيث جاء في ملف صحي خاص أعده المركز الفرنسي للبحوث العلمية وهو مؤسسة حكومية تُعنى بإعداد البحوث والدراسات العلمية في فرنسا، أن  الماء هو المكون الرئيسي لجسم الإنسان ويبلغ متوسط ​​كمية الماء الموجودة في جسم الشخص البالغ 65 %، تقول هذه الدراسة أيضا أن جسم الإنسان لا يستطيع تخزين الماء. في الواقع ، يتخلص الجسم من الماء بشكل دائم من خلال الإفرازات (البول بشكل أساسي) ، والتنفس (وقت الزفير) ، وخاصة العرق. وتختلف كميات المياه المفقودة حسب الظروف المناخية المحيطة بالإنسان أو الأنشطة المبذولة منه. فكلما زادت الحرارة و / أو النشاط البدني ، زاد التعرق وبالتالي فقدان الماء من الجسم. ويقول المركز الفرنسي للبحوث العلمية أن الحفاظ على صحة جيدة يستوجب تعويض فقدان الماء وأن  العطش يعتبر آلية "يحذر" الجسم من خلالها أنه في حالة جفاف ولهذا ليس من الجيد الانتظار حتى تشعر بالعطش للشرب وجاء في نفس الدراسة أن الكمية الإجمالية من المياه اللازمة لشخص بالغ ، يعيش في منطقة معتدلة ولا يبذل مجهودا بدنيا كبيرا، حوالي 2.5 لتر في اليوم ، منها 1 لتر يتم توفيرها عن طريق الطعام و 1.5 لتر من السوائل. ودون  حصول الجسم على سوائل لا يمكن للانسان أن يعيش أكثر من يومين أو ثلاثة أيام في حين يمكنه أن يعيش حوالي أربعين يومًا بشرب ودون أكل بشرط ألا يبذل جهدا بدنيا.


"هل يمكن  لشرب كمية كبيرة من الماء في السحور أن يضمن لنا عدم الإحساس بالعطش؟" سؤال أجابتنا عنه أخصائية التغذية بالمعهد الوطني للتغذية والتكنلوجيا الغذائية مريم كشك التي أكدت أن شرب الماء في رمضان يجب أن يكون على فترات متراوحة قصيرة وبكميات معقولة وأن شرب كمية كبيرة من المياه في مرة واحدة لا يمكن أن يجنبنا الجفاف أو العطش بل يتسبب هذا في مشاكل كثيرة لجهازنا الهضمي مثل الانتفاخ أو الإسهال."

نادرا ما يسبب شرب الكثير من الماء مشكلات صحية خطيرة تتعدى الانتفاخ أو الإسهال أو القيئ، لكن إذا أفرطت في شرب الماء في وقت واحد، لا تتمكن الكليتان من التخلص من المياه الزائدة. ومن ثم يصبح محتوى الصوديوم الموجود في الدم مخففا. ويطلق على هذه الحالة نقص الصوديوم اذا قلت مستوياته عن 135 مليلتر، اذ يساهم هذا العنصر الأساسي في الدم في الحفاظ على توازن السوائل داخل الخلايا وخارجها وعندما تنخفض مستويات الصوديوم بسبب الاستهلاك المفرط للمياه ، تنتقل السوائل من الخارج إلى داخل الخلايا ، مما يؤدي إلى تضخمها، هذا الانتفاخ يمكن أن يسبِّب مشاكل صحية عديدة، تتدرَج من خفيفة إلى مهدِّدة للحياة.

في الجسم السليم ، حسب عديد الدراسات التي جمعها موقع BBC  البريطاني حول كميات المياه التي يجب علينا تناولها، يكتشف الدماغ متى يصاب الجسم بالجفاف ويبدأ العطش لتحفيز الشرب. كما أنه يفرز هرمونا يرسل إشارات للكلى للحفاظ على الماء عن طريق تركيز البول، والجفاف يعني أنك تفقد سوائل أكثر مما تتناوله. وفقا لـمنظمة الصحة البريطانية  تشمل أعراض الجفاف لون البول الأصفر الداكن الشعور بالتعب أو الدوار إضافة إلى وجود جفاف في الفم والشفتين والعينين والتبول أقل من أربع مرات في اليوم. لكن أكثر الأعراض شيوعا ببساطة تشعر بالعطش.

وبعد الاطلاع على العديد من الدراسات عن ما إذا كان شرب الماء بكميات كبيرة في نفس الوقت يجنبنا العطش، اتضح أن هذا الاعتقاد زائف.