تفسيري

تعرف/ي أكثر على تونس تتحرى .. هل هنالك أمور لا يمكن أن ندقق فيها؟

تفسيري

تعرف/ي أكثر على تونس تتحرى .. هل هنالك أمور لا يمكن أن ندقق فيها؟

إن كنت من متابعينا أو متابعاتنا ستعرف/ين أننا بطبيعة الحال منصة متخصصة في التحري في الأخبار والتدقيق في المعلومات، ونحن نتابع ما ينشر في وسائل الإعلام والميديا الاجتماعية ولكن أيضا ما يصرح به السياسيون والشخصيات العامة، ونسعى إلى أن نحدد المعلومات والأخبار التي تستدعي التدقيق فيها. فهذه هي مهمتنا الرئيسية ولكن ربما تعترضك أحيانا بعض الأخبار على منصة فايسبوك وقد تشكك في مصداقيتها مثلا وتجد أننا لم ننشر حولها أي تدقيق.

 

في هذا المقال، سأعرفك على ما يدور في غرفة أخبارنا، فنحن نادرا ما لا نرصد أو نتفطن إلى خبر يثير الشبهات أو يستدعي التدقيق فيه. وعادة ما يعود سبب غياب هذا الخبر عن منشوراتنا إلى خيارات منهجية. قد يكون السبب هو عدم تمكننا من الحصول على كل المصادر ووجهات النظر التي يمكن على أساسها أن ننفي صحة الخبر أو نؤكدها. ففي أحيان كثيرة نواجه مشكلة مع المصادر التي لا تصرح بالمرة أو التي تفضل عدم ذكر تفاصيل أو أن نتوصل إلى جانب من القصة دون أن يمكننا الحصول على رؤية الجانب المقابل لهذه المعلومة أو الخبر. 

تخمينات وتوقعات وتكهنات

أما السبب الثاني الذي يدفعنا إلى عدم النشر فهو أن تكون هذه الأخبار والمعلومات المنتشرة من قبيل التخمينات أو التوقعات أو المعلومات التي تتضمن تفاصيل ما يخفى منها أكثر مما يظهر وهنا يصعب علينا أن نتثبت فيها، بعض المواضيع مثلا تستوجب من وجهة نظرنا أكثر من نفي من مصدر رسمي لانها معقدة وفيها جوانب متعددة مثل الأمور التي لا يمكن أن نحصل فيها إلا على مواقف رسمية مثل السياسة الخرجية أو مسائل تتعلق بالتدخلات الأجنبية أو غيرها ولا يمكن لنا أن نعرف ما حدث بدقة في الكواليس. وإلى جانب هذه الخطوات المنهجية، هنالك تقديرات تتعلق بطبيعة السياق العام والموضوع الذي نحن بصدد العمل عليه، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى عدم النشر بدل الانخراط في مزيد دعم الرواية الرسمية أو غيرها. 

من الخيارات التحريرية التي نعتمدها أيضا، هو ألا ننشر بيانات التكذيب والتوضيح، وفي أحيان كثيرة عندما نكون بصدد العمل على معلومة أو خبر ما ونجد أن الجهة المعنية به قد نشرت تكذيبا أو نفيا وأن المعطيات التي جمعناها تؤيد ذلك فنحن في أغلب الأحيان لا ننشر، وقد ننشر في حالات محدودة خاصة إذا كنا عملنا على التدقيق في هذا التكذيب أو النفي.

نأتي الآن إلى التوقعات، لماذا لا ندقق فيما سيحصل في المستقبل. في الحقيقة ليس هنالك أي مصدر يمكن له أن يعرف بدقة فائقة ما يمكن أن يحصل غدا، وعلى اعتبار أننا لا نملك قدرات خارقة، تجعلنا نقرأ الغيب يصعب لنا أن نجزم إن كان أمر ما سيحدث في المستقبل أم لا. لذا عادة ما نتجه إلى تجنب التدقيق في التوقعات.  ولكن في أحيان كثيرة يمكننا التدقيق في ما إذا كانت جهة ما قد قررت اتخاذ قرار معين يهم المستقبل أم لا .

الآراء والمعتقدات

وهنالك طبعا الآراء والمعتقدات ووجهات النظر والمواقف السياسية وغيرها والتي تنبع من قناعات الأفراد وخياراتهم، وهي ليست محل تدقيق في منصتنا، لأنها ببساطة لا تحتمل الخطأ والصواب، ولكن قد "نراها" أو "تراها" خطأ أو صوابا. وهنالك فرق واضح بين التقييمات الذاتية، وتحديد ما إذا كان أمر ما قد حدث فعلا أم لا. لا ندقق أيضا في كل ما يهم الحياة الشخصية للأفراد، فنحن نهتم أولا وأخيرا بالأخبار والمعلومات التي ترتبط بالشأن العام ونولى اهتمام بكل ما يؤثر أو يرتبط بمصلحة المواطن وما يساعده على اتخاذ قرارات سليمة لا تكون مبنية على ما هو زائف أصلا أو مضلل.



كثيرة هي الأخبار والمعلومات التي نعمل عليها ولا ننشرها، نعمل على ألا يشعرنا ذلك بالإحباط لأننا نسعى دائما إلى أن نقدم إلى متابعينا الصحيح من الزائف، ولكن لا تتردد/ي في أن ترسلي لنا أخبار أو معلومات تعترضك فربما تكون ضمن الحلقة النادرة التي لم نتفطن لها أو تكون مهمة ومفصلية بالنسبة إليك. نحن نعمل في بيئة لا تتاح فيها المعلومات بالسهولة التي يمكن أن نتخيلها خاصة وأننا لم نصل بعد في تونس إلى مستوى تحيين المعلومات ومشاركتها بشكل مستمر او تغذية قواعد البيانات المفتوحة ببيانات آنية ودقيقة. ولكن في الآن نفسه نسعى إلى أن نحافظ على جودة مقالات التدقيق التي ننشرها وأن يكون ما ذهبنا إليه هو الصواب.