هل صحيح أنّ الصّحافة التونسية تحصّلت على المرتبة 223 عالميّا؟
هل صحيح أنّ الصّحافة التونسية تحصّلت على المرتبة 223 عالميّا؟
تداولت بعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك منذ تاريخ 14 نوفمبر 2025 خبرا مرفقا بصورة لمجموعة من الصحفيين و مقدّمي بعض البرامج الاخبارية والتنشيطية في تونس وقد أرفقت الصّورة بنصّ ''الصحافة التونسية تحصّلت على المرتبة 223 عالميّا بعد السّودان ومقديشو والبنين''
بالتدقيق في هذه المعطيات من قبل منصة تونس تتحرّى تبيّن أنّها زائفة.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1405270481608538&set=a.514596690675926
في مرحلة أولى من التدقيق، ومن خلال المعاينة الأولية للمنشور المتداول، لاحظنا أنّه لا يشير إلى أيّ مؤشر أو مصدر يمكن الاستناد إليه لتحديد "ترتيب الصحافة التونسية" كما ذكر. كما أنّه لا يقدّم أي تفاصيل إضافية حول هذا الترتيب أو يربطه بأي تقرير صادر عن جهة معتمدة.
في مرحلة ثانية من التدقيق، يتبيّن أنّ الادعاء المتعلق بحصول الصحافة التونسية على “المرتبة 223 عالميًا” يفتقر إلى أي منطق عددي أو واقعي. فبحسب المعطيات الرسمية للأمم المتحدة، يبلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة 193 دولة فقط، وهو العدد المعترف به دوليًا كأساس لأي تصنيف عالمي.
https://www.un.org/.../membership-of-principal-un-organs
كما تضمّ الأمم المتحدة دولتين فقط بصفة مراقب هما: فلسطين والفاتيكان، ليُصبح مجموع الدول ذات الاعتراف الأممي 195 دولة لا أكثر.
https://en.sorumatik.co/.../how-many-countries-are.../284806
إلى جانب ذلك، توجد مجموعة صغيرة من الكيانات ذات الاعتراف الجزئي، وعددها يقدّر بحوالي ست دول، إضافة إلى عدد محدود من الكيانات غير المعترف بها دوليًا، ولا يتجاوز عادة سبع دول حسب بعض المصادر. حتى باحتساب جميع هذه الفئات مجتمعة، فإنّ العدد الإجمالي لا يقترب من 223 دولة بأي شكل من الأشكال.
وبناءً على ذلك، فإنّ الإشارة إلى “المرتبة 223” في أي تصنيف دولي تبدو مستحيلة لأنّ هذا العدد من الدول غير موجود أصلًا.
في مرحلة ثالثة من التدقيق، قمنا بفحص الجهات الدولية الكبرى المعنية برصد حرية الصحافة وتصنيف الدول في هذا المجال، مثل منظمة مراسلون بلا حدود (RSF)، ومنظمة فريدوم هاوس (Freedom House)، بالإضافة إلى لجنة حماية الصحفيين (CPJ). هذه المنظمات تصدر مؤشرات و تقارير سنوية مفصّلة عن وضع الصحافة في كل دولة، استنادًا إلى معايير متعددة تشمل الإطار القانوني والسياسي والاقتصادي وأمن الصحفيين، وكذلك حرية التعبير الرقمية، مما يجعلها المرجع الأكثر موثوقية لمقارنة أو ترتيب الدول في مجال الصحافة. عادةً ما يصدر تقرير RSF في أفريل من كل سنة، بينما تصدر تقارير Freedom House في مارس من كل سنة.
https://freedomhouse.org/country/tunisia/freedom-net/2025
وبالاطلاع على مؤشرات هذه الجهات مؤخراً، نجد أنّ ترتيب تونس يختلف تمامًا عن ما ورد في المنشور المتداول. فوفق تقرير مراسلون بلا حدود 2025 الصادر في أبريل 2025، جاءت تونس في المرتبة 129 من أصل 180 دولة، مع حصولها على درجة 43.48/100، بينما في تقرير Freedom House 2025 الصادر في مارس 2025 تم تصنيفها ضمن خانة "جزئيًا حرة" بدرجة 44/100 في الحرية العامة و59/100 في حرية الإنترنت. هذه الأرقام تثبت أن تونس لم تحتل أي مرتبة بعد السودان أو مقديشو أو بنين كما ذُكر في المنشور المتداول، وهو ما يؤكد أن الادعاء كان زائفا.
https://rsf.org/en/country/tunisia
وعليه، يُستنتج أنّ المعلومات المتداولة حول “المرتبة 223 عالميًا” للصحافة التونسية لا تستند إلى أي مصدر موثوق، ولا توجد أي جهة دولية تمنح تصنيفًا بهذا الرقم، في حين تُظهر المؤشرات الرسمية أن تونس تتأخر عن كثير من الدول، لكنها ليست خلف السودان أو مقديشو أو بنين.
يُذكر أنّ فريق تونس تتحرّى وجد أن منشورات مثل "الصّحافة التونسية تحصّلت على المرتبة 223 عالميًا" تعود إلى عام 2014، حيث ذُكر حينها أنّ "الإعلام التونسي في المرتبة 223 عالميًا في صدقية الخبر". وقد أعيد تداول هذه الادعاءات في مناسبات مختلفة على مر السنوات، رغم أنّ هذا المؤشر غير موجود أصلاً، وقد تم تفنيده سابقًا من قبل عدة منصات عربية متخصصة في تدقيق المعلومات.
بناء على جميع المعطيات التي تمّ ذكرها تصنّف منصة تونس تتحرّى الخبر التداول والذي ادعى ناشروه أنّ'' الصّحافة التونسية تحصّلت على المرتبة 223 عالميّا'' ضمن الأخبار الزائفة.
