تفسيري

البروباغندا من أجل تبرير قتل الأبرياء

تفسيري

البروباغندا من أجل تبرير قتل الأبرياء


هذا المقال من إنتاح الصحفي مالك الزغدودي و هو باحث في الفلسفة و كاتب صحفي له عدد من المقالات  حول الحركات الفنية و الإجتماعية. مهتم بالأدب و السينما و القضايا الشبابية مثل الآلتراس و الفرق الفنية.


"اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس" جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازية" 

"حماس تذبح الأطفال الإسرائيليين" انتشر الخبر مثل النار في الهشيم على مواقع إعلامية منحازة للرواية الإسرائيلية, وعلى كافة مواقع التواصل الاجتماعي. ثم  يتضح أن الخبر زائف. 

هل تعرفون من قام بنفس التصريح الزائف أيضا، إنه الرجل الأقوى في العالم، من يمتلك الزر النووي ورأس هرم العالم الحر والشخص الذي من المفترض أنه يملك أكثر المعلومات دقة وجودة وحصرية إنه رئيس أمريكا جو بايدن، ليعقّب  البيت الأبيض على تصريحات رئيسه, ببيبان يعتذر فيه عن المعلومات الزائفة التي نشرها.


هل يهدف تضارب المعلومات إلى تضييع الحقيقة ؟ 

البارحة تم قصف مستشفى مدني في مدينة غزة، في تعدي صارخ على كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية وفي جريمة حرب أدت إلى وقوع  قرابة الألف بين شهيد وجريح.  

جريمة حرب تذكرنا بفضاعة المحرقة والحروب البربرية في عصور ما قبل القوانين والمعاهدات الدولية لكن يبدو أن الأمر لم يتغير، والقانون الدولي وحقوق الإنسان في خدمة الأقوى والضمير الغربي الحقوقي يساند قتل النساء والأطفال والرضع والأبرياء ويدعم قصف المستشفيات والمدارس وسيارات الإسعاف. 


                                              المصدر: https://ru-an-info.livejournal.com/908528.html

مثلما سكت جزء من العالم الغربي عن فضائع المحرقة التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، العالم الغربي اليوم من

خلال دوله الكبرى يبارك ويساهم في محرقة العصر الجديدة وفي أبشع جريمة في هذا القرن ضد المدنيين الفلسطينيين.

لمحة حول تاريخ البروباغندا: 


الدعاية أو البروباغندا هي نشر المعلومات بطريقة موجهة بهدف التأثير على الآراء والقناعات من خلال  تقديم معلومات ناقصة أو زائفة أو موجهة ومخرجة من سياقها. تهدف أساسا إلى التأثير عاطفيًا بدلاً من منطقيًا (عقلانيا) وتستخدم لتغيير الحقيقة إلى رواية الجهة صاحبة حملة البروباغندا، من أجل أن يتبنى الرأي العام تلك الرواية لأغراض سياسية أو اقتصادية أو دينية أو عسكرية… 

إستعملت الأنظمة الشمولية البروباغندا عبر وسائط مختلفة حسب الحقبة الزمنية والامكانيات التقنية المنتشرة حينها بداية من الجرائد والملصقات من ثم الراديو والسينما والتلفزيون، وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي اليوم وتركيب الصور والفيديوات وتزييف الأصوات والمشاهد عبر تقنيات مختلفة خاصة مع ظهور تقنيات التزييف العميق من خلال الذكاء الصناعي.

دول العالم الديمقراطي أو الحر هي الأخرى، وظفت البروباغندا في تسويق أفكارها وإديولوجياتها حيث يعالج  كتاب" صناعة الرأي العام والحروب العادلة " للمؤلفين الثلاثة :سيرج حليمي ودومينيك فيدال وهنري مالرو ترجمة الدكتور عبد الرزاق الزاهر.

 يتناول الكتاب الثلاثة بالتفسير والتحليل مسألة صناعة "الرأي العام" عبر الإعلام بأصنافه الثلاثة: المكتوب والمرئي والمسموع، هذا الإعلام الذي صار عولميا خاضعا لأجندات الشركات الكبرى.

 أصبح هذا الإعلام حسب الكتاب  ينأى عن الحقائق وتزييفها في أحيان كثيرة، يضع الضحية والجلاد في ميزان واحد، وأعتقد أن هذا هو الحال اليوم في غزة حيث يتمّ تحميل الضحية مسؤولية عنصرية وبربرية وجرائم الجلاد, من خلال بروباغندا و دعاية زائفة تدعي أن حماس هي من قصفت المستشفى في غزة في كذبة لا يقبلها العقل البشري. 


الحقائق تعري البروباغندا


منظومة حقوق الإنسان الكونية والشاملة، القوانين الدولية وقوانين الحروب والتعامل مع المدنيين والمستشفيات والأطفال … الضمير الغربي ومؤسسات حقوق الإنسان إلا فئة قليلة  منها… أين هي فلسفة العالم الحر وشعارات الديمقراطية الغربية اليوم مما يحصل في فلسطين المحتلة من مجازر ؟ 

صمت ومباركة غربية ورفض مبادرة وقف إطلاق النار وتأييد كل للجرائم المرتكبة ضد أطفال ومدنيين في غزة، كل هذا الدم يقابله تصفيق غربي.  من قام بمحرقة الأمس ضد اليهود يساهم في محرقة وجريمة اليوم من طائرات الجيل الخامس المتطورة ضد المدنيين الأبرياء.

معاجم حقوق الإنسان الغربية سقطت من صفحاتها الحقوق العربية أو حقوق الآخر المختلف عنها عموما.

لقد أظهرت هذه الحرب زيف الشعارات المنادية بكونية وشمولية حقوق الإنسان وأن الكذب والتواطؤ مع الجلاد هو سيّد الموقف والمعيار الغربي الوحيد هو الدعم المطلق لقتل الأطفال في فلسطين المحتلة.