تفسيري

ما جدوى تصنيفات وكالات التصنيف الائتماني؟

تفسيري

ما جدوى تصنيفات وكالات التصنيف الائتماني؟

طرحت  في الآونة الأخيرة وكالات التصنيف الائتماني وتصنيفاتها جدلا واسعا  بين رواد الوسائط الاجتماعية في العديد من المناسبات، فخلفت ردود أفعال وآراء متباينة بين من اعتبر عملها تدخلا أجنبيا في الشؤون الداخلية للبلاد،  وبين من يعتبرها ركيزة من الركائز التي يعتمدها الاقتصاد العالمي، تقدم "تونس تتحرى" لقرائها مقالا تفسيريا عن ماهية هذه الوكالات وكيفية عملها ولمحة عن تقييماتها المختلفة.

ما هو التصنيف الائتماني؟

يقوم التصنيف الائتماني بقياس الجدارة الائتمانية التي تترجمها مدى قدرة أي دولة أو مؤسسة على سداد ديونها في الاجال المحددة فيسهل التصنيف المرتفع على الحكومات أو الشركات الحصول على تمويل و​قروض​ سواء من الأسواق الداخلية أو الخارجية ويؤدي ذلك أيضا الى انخفاض فوائد الدين والأقساط المترتبة عنه، في حين يعني التصنيف الضعيف أن هناك احتمال بالا يستطيع المدين الوفاء بتسديد أقساط دينة والفائدة المترتبة عنه.

ما هي أهم وكالات التصنيف الائتماني؟

رغم وجود العديد من وكالات التصنيف الائتماني حول العالم، إلا أن ثلاث شركات أمريكية  يطلق عليها "الشركات الثلاث الكبرى"  تسيطر على ما يراوح بين 90 و95% من سوق إصدار ​الديون​ في العالم  وهي كل من شركة "ستاندرد آند بورز"  وهي وحدة تابعة لشركة "ماكجرو هيل" المدرجة بسوق نيويورك وتعد أكثر من 9 آلاف موظف ووكالة "موديز" المدرجة في سوق نيويورك والتي تعد 4 آلاف موظفا ووكالة "فيتش" وهي وحدة تابعة لشركة "فيمالاك" وعدد موظفيها 2.5 ألف موظفا..

وتقوم كل من وكالة "ستاندرد آند بورز" ووكالة "موديز" بتصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو الحكومات أو البلديات والحكومات المحلية فيما تأتي وكالة "فيتش" في المرتبة الثالثة..

ما الجدوى من التصنيف الائتماني؟

تقوم وكالات التصنيف الائتماني بتقييم المخاطر المتعلقة بإصدارات الدين سواء للشركات أو الحكومات وتحدد الجدارة الائتمانية التي تبنى عليها التصنيفات بالعديد من المؤشرات أهمها قدرة المدين على الوفاء بتسديد فوائد الدين والأقساط المترتبة عليه. 

وتكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتماني أفضل في مستوى الفائدة التي يتوجب على المدين دفعها فكلما ارتفع التصنيف الائتماني كلما انخفضت الفائدة.

ويعني خفض التصنيف الائتماني لشركة أو دولة تصدر سندات دين أن قيمة هذه السندات ستنخفض وأن سعر الفائدة المفروض عليها سيرتفع ما يتسبب في ارتفاع تكلفة الاقتراض.

و ترغب كافة الدول والشركات في الحصول على تصنيف ائتماني أعلى لأن أغلب المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات الدين ذات التصنيف الائتماني المرتفع وانخفاض التصنيف يترجم بالضرورة بانخفاض الإقبال على أدوات الدين وصعوبة تغطيته ويعود ذلك الى عزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها.

ما هي معايير تحديد التصنيفات الائتمانية؟

تعتمد وكالات التصنيف الائتماني العديد من المعايير الأساسية عند إصدار تقييمها ومن أبرز معايير التصنيف الائتماني السيادي للدول هو المالية العامة للدولة ونمو الناتج المحلي ووضع الديون الخارجية للدولة ومعدل التضخم و ميزان المدفوعات والتنمية الاقتصادية والتشريعات والقوانين وبيئة الأعمال إضافة الى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وتاريخ الدول في التزامها بسداد ديونها كما تأخذ وكالات التصنيف  بعين الاعتبار الوضع السياسي والاستقرار الأمني والاجتماعي في الدولة.

ما هي درجات التصنيف الائتماني؟ 

تستعمل وكالات التصنيف رموزا لوصف الجدارة الائتمانية وهي:

التصنيف الائتماني AAA: هذا التصنيف يعني أن الحكومة أو الشركة المقترضة لها كفاءة عالية وقدرة قوية على السداد، وهي أعلى درجة للتصنيف الائتماني.

التصنيف الائتماني AA: يعني مستوى جودة عالي ومخاطرة قليلة جدا.

التصنيف الائتماني A: يعني قدرة عالية على السداد مع مخاطرة قليلة.

التصنيف الائتماني BBB: يعني أن الدولة لديها قدرة كافية للدفع.

التصنيف الائتماني BB: يعني أن هناك احتمالية لسداد الدين مع مخاطرة.

التصنيف الائتماني B: يعني أن هناك احتمالية لعدم السداد، و مخاطرة عالية.

التصنيف الائتماني CCC: توجد احتمالية كبيرة لعدم السداد.

التصنيف الائتماني CC: أعلى درجات المخاطرة وعدم الالتزام.

التصنيف الائتماني C: قمة المخاطرة.

التصنيف الائتماني D: هناك تعثر في السداد، ويكون هناك مخاطر الإفلاس

ماذا يعني تصنيف تونس الائتماني؟

خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني يوم 14 أكتوبر 2021، التصنيف السيادي لتونس من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية سلبية، مشيرة في التقرير المفصل الذي أصدرته بشأن تونس إلى أن التراجع يعكس ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين فيما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ التدابير التي من شأنها ضمان الوصول المتجدد إلى التمويل لتلبية الاحتياجات المرتفعة على مدى السنوات القليلة المقبلة.

في حين خفضت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني "فيتش رايتينغ" التصنيف الائتماني الطويل المدى لمصادر العملة الأجنبية في تونس في شهر جويلية الفارط، من "B" إلى "B-"مع آفاق سلبية ، الأمر الذي يعكس مخاطر في توفر السيولة المالية محليا وخارجيا وبحسب الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني، فإن التوتر السياسي في البلاد وتفاقم الأزمة الصحية وتواصل الاحتجاجات الاجتماعية وتردي وضعية المالية العمومية تعقد كلها سبل وصول تونس إلى اتفاق آمن مع صندوق النقد الدولي والمانحين.

وقال تقرير أصدرته  "ستاندرد أند بورز" في شهر جويلية 2021، بشأن الوضع الاقتصادي في تونس إن "مستوى النمو في البلاد لن يكون كافيا لمواجهة معدل البطالة المرتفع وتدهور مستوى المعيشة، ما يؤدي إلى تأجيج استياء اجتماعي جديد، مرجحة أن تشهد البلاد أبطأ انتعاش بين بلدان شمال أفريقيا."

وقالت الوكالة "إنّ العجز المرتفع لموازنة تونس أدى إلى وضع الدين العام على مسار غير مستدام، فيما يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي الحالي إلى تعريض صفقة مع صندوق النقد الدولي للخطر ويفرض تحديات كبيرة".

وتجدر الإشارة الى أن وكالات التصنيف الائتماني تعرضت لعديد الانتقادات في السنوات القليلة الماضية، إذ يتهمها الكثيرون بتضارب المصالح مع مصدري الديون الذين هم في نفس الوقت عملائها الذين يدفعون المال لها مقابل تصنيف إصداراتهم من الديون، إضافة إلى ضعف قدرتها على تقييم المخاطر المستقبلية والتأخر في رصد الاتجاهات السالبة التي يتعرض لها بعض مصدري الديون بعد عملية الإصدار وبالتالي رد الفعل المتأخر في تخفيض التصنيفات.   

وبرغم الانتقادات الموجهة إليها في العديد من المناسبات، وبين تباين واختلاف الآراء والمواقف بخصوص تصنيفات وكالات التصنيف الائتماني للدول فهي تعتبر مؤشرا وورقة ضغط في مفاوضات الدول مع مانحيها لأن العديد من المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات الدين ذات الجدارة الائتمانية المرتفعة، لذلك فإن انخفاض التصنيف لإصدار معين يعني بالضرورة انخفاض الإقبال عليها وصعوبة تغطيتها نظرا لعزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها. وأشد ما يخشاه الخبراء الاقتصاديون اليوم هو أن يتسبب تدهور التصنيف الائتماني لتونس في آخر المطاف إلى طلب جدولة ديونها  كملاذ أخير في "نادي باريس" أو "نادي لندن".