تفسيري

ماهو جواز التّلقيح ؟ كيف يتمّ العمل به في تونس والعالم؟

تفسيري

ماهو جواز التّلقيح ؟ كيف يتمّ العمل به في تونس والعالم؟


في وقت ينتشر فيه المتحوّر الجديد ”أوميكرون” لفيروس كورونا المستجدّ بسرعة عبر العالم وبينما يسود القلق من ظهور نسخ متحورة أكثر فتكا، تتزايد جهود الدول لمكافحة الوباء وذلك من خلال تكثيف عمليات التلقيح، ورغم سعي الحكومات إلى الوصول لمناعة جماعية وتلقيح أكثر ما يمكن من المواطنين إلا أن عدد متلقي التطعيم يبقى دون المستوى المتوقع مما دفع بالكثير من الدول إلى اعتماد آلية إجبارية تلقي التلقيح…

بداية مع تونس فقد فرضت السلطات التونسية "جواز التلقيح" الخاص بفيروس كورونا على كافة المواطنين والأجانب الذين يزورون البلاد، حسبما جاء في مرسوم رئاسي أعلن عنه يوم 22أكتوبر2021، وجاء فيه أنه على "المسؤولين والموظفين والمرتادين إظهار بطاقة التطعيم ضد فيروس كورونا لدخول الإدارات العامة والخاصة" إلى جانب الفضاءات الخاصة كالمقاهي والمنشآت السياحية، وبأنه "سيتم تعليق مباشرة العمل لمن لم يتلقوا التطعيم".

وجاء في البوّابة الوطنيّة للصحة التابعة لوزارة الصّحة أنّه انطلاقا من توصيات اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا،  تمّ إطلاق خدمة جواز التلقيح عبر المنظومة الوطنية للتسجيل ايفاكس "فضاء المواطن" على أن يصبح الاستظهار به وجوبا في التاريخ والفضاءات التي حددها المرسوم الرئاسي مع التّأكيد على النقاط التالية:

اولا : جواز التلقيح هو وثيقة رسمية تؤكد استكمال جدول التلقيح ضد فيروس كوفيد-19 مما يسمح للشخص بالنفاذ إلى الأماكن والفضاءات المحددة وفق المرسوم الرئاسي عدد 1 لسنة 2021 المؤرخ في 22 أكتوبر 2021.

ثانيا : بإمكان كل شخص يبلغ أو تجاوز سنه 18 سنة وتلقى تلقيحه كاملا أن يحمّل جواز التلقيح على هاتفه الجوال من موقع منظومة ايفاكس "فضاء المواطن" و يستظهر به عند الحاجة كما يمكن استخراجه في شكل وثيقة ورقية.

ثالثا : من حق كل مواطن حامل للجنسية التونسية أو أجنبي مقيم على الأراضي التونسية تلقى التلقيح كاملا سواء عبر الحصول على جرعتين، أو تحصل على لقاح ذو الجرعة الواحدة، أو استكمل التلقيح بجرعة واحدة فقط بسبب تعرضه للإصابة بالفيروس الحصول على جواز التلقيح وذلك بعد استكمال فترة تثبيت المناعة حسب نوع اللقاح.

مع فرض الاستظهار به في الأماكن التي حددها المرسوم الرئاسي بعد شهرين من تاريخ إصدار المرسوم أي 22ديسمبر 2021.


وقد أثار دخول قرار إلزامية جواز التلقيح حيز التنفيذ في تونس استياء وغضب الكثير من النشطاء والمنظمات الحقوقية باعتباره "تعديا على الحريات الأساسية" التي تكلفها مبادئ حقوق الإنسان والتي من بينها منظمة العفو الدولية التي دعت الحكومة إلى عدم تنفيذه لغاية تعديله. وقالت آمنة القلالي، وهي نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "يجب على السلطات التونسية ألا تنفذ المرسوم الجديد قبل تعديله لضمان عدم انتهاك اشتراطات الشهادة الصحية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال تهديد لقمة عيش التونسيين من دون داعٍ عبر فرض عقوبات قاسية بلا مبرر على عدم الامتثال للقانون".

ماهي الدّول الأخرى التي فرضت إلزامية التلقيح؟

تونس ليس البلد الأول لا الأخير الذي يفرض إجبارية التلقيح، ففي الشقيقة الجزائر أعلنت الحكومة عن إجراءات جديدة لمواجهة جائحة كورونا بعد ارتفاع أعداد الإصابات بالفيروس في الأسابيع الأخيرة من السنة الماضية.

وقالت الحكومة في بيان لها إنه تم اتخاذ عدة إجراءات كمرحلة أولى منها إبراز “الجواز الصحي” للتلقيح، الذي سبق وأن تم تفعيله للدخول إلى الملاعب وقاعات الحفلات.

وفي وجه الموجات والمتحورات المتكررة من الفيروس، التي تنتشر بسرعة غير مسبوقة، أخذت بعض الدول الأوروبية وغيرها من الدّول  قرارات حازمة بخصوص التطعيم فيما لا يزال بعضها مترددا.

وقد أعلنت الحكومة الفرنسية مشروع قانون شهادة التطعيم عوضا عن الشهادة الصحية، والذي كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 15 جانفي 2022 إذا أقره مجلس النواب. هذا القرار، إضافة إلى إجراءات أخرى، أعلن عنها رئيس الحكومة الفرنسية جان كاستكس خلال مؤتمر صحفية متعددة لتقييم الوضع الوبائي لفيروس كورونا.

والهدف الرئيسي من "جواز التطعيم" هو إلغاء خيار شهادة عدم الإصابة بفيروس كورونا من خلال فحص نتيجته سلبية، والذي يعد بديلا للحصول على اللقاحات.

وبالرغم من الجدل الذي أثير حول هذا القرار، فقد تم منذ 24 جانفي 2022 في فرنسا استبدال الجواز الصحي بجواز تطعيم لمن هم فوق سن السادسة عشرة إذ عليهم إثبات حصولهم على جدول تطعيم كامل ضد فيروس كورونا.

و في المملكة المتحدة، فقد أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستجعل التطعيم الكامل ضد فيروس كورونا إلزاميا على جميع الأشخاص. ولكن بريطانيا عدلت من هذه الإجراءات لاحقا، فقد أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون أن البلاد لن تمدد إجراءات العزل بعد 25 مارس وابتداء من 27 جانفي يتم إلغاء ارتداء الكمامات في الأماكن العامة وإلغاء جواز اللقاح والعمل عن بعد. وذلك بالرغم من تحذيرات من انتشار الإصابات بمتحور أوميكرون.

في ألمانيا، صوت 13 عضوا يكونون ما يعرف بمجلس الأخلاقيات الألماني لصالح فرض إجبارية التلقيح على كل من تخطى سنه 18 عاما (يتكون المجلس من 24 عضوا).

وفي وقت يناقش فيه البرلمان إلزامية التلقيح، تختلف آراء الألمان إزاء الأمر، وفي استطلاع رأي نقل نتائجه موقع دويتشه فيله عبر 62% من الألمان عن مخاوف إزاء الأمر، "بينما ذكر 26% أنهم لا يرون في التطعيم الإجباري خطرا يهدد بانقسام المجتمع. ولم تحدد 12% موقفها من الأمر."

  وتعيش أوروبا على وقع مظاهرات ضد فرض إلزامية اللقاح.

أما في الولايات المتحدة، فقد أعلن الرئيس جو بايدن في سبتمبر الماضي عن إقرار إلزامية التلقيح لعمال وموظفي الحكومة الفدرالية والقطاع الخاص، ولكن تم الطعن في القرار أمام القضاء. وتم تعليق العمل بالقرار في بخصوص موظفي الشركات التي يعمل فيها أكثر من مئة موظف.

وتختلف مقاربة إلزامية التلقيح من بلد إلى آخر، حيث أن هنالك بلدانا اتخذت خيار الإلزامية، في حين تراجعت بلدان أخرى عن فرض إجبارية التلقيح.  وقد دعت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليه إلى تحقيق التوازن بين إجبارية التطعيم ضد كوفيد-19 واحترام حقوق الإنسان، في حين رأت منظمة الصحة العالمية أنه لا سبب للتشكيك في نجاعة اللقاحات ضد متحور أوميكرون.


** أنجزت هذا المقال الطالبة وداد بشاينية بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار في إطار تدريب بمنصة تونس تتحرى من 20 ديسمبر 2021 إلى 2 جانفي 2022.