زائف

هل تم إمضاء اتفاقية المرسى سنة 1884 كما صرح رئيس الجمهورية؟

زائف

هل تم إمضاء اتفاقية المرسى سنة 1884 كما صرح رئيس الجمهورية؟


صرح رئيس الجمهورية قيس سعيد بتاريخ 20 مارس 2022، خلال اجتماع وزاري تم عقده بنفس التاريخ أن اتفاقية المرسى تم إمضاؤها بتاريخ 1884، وجاء تصريحه في الدقيقة الرابعة و 15 ثانية من الفيديو المنشور بصفحة رئاسة الجمهورية التونسية " في هذه الذكرى لابد من استحضار جملة من المحطات التاريخية التي سنتحدث عنها بعد قليل، لأن مقاومة الاستعمار الذي أخذ شكل حماية بدأ قبل توقيع اتفاقية باردو ثم اتفاقية المرسى، في عدد من جهات الجمهورية لما دخل الجيش الفرنسي قبل توقيع الاتفاقية سيئة الذكر وهى اتفاقية باردو وتبعتها بعد ذلك اتفاقية المرسى سنة 1884." فريق تونس تتحرى دقق في صحة تاريخ توقيع اتفاقية المرسى، حيث تبين أن تاريخ إمضاء هذه الاتفاقية ليس ما ذكره رئيس الجمهورية.




قمنا بالبحث عن وثيقة اتفاقية المرسى بالعديد من المواقع الرسمية للجمهورية التونسية، حيث تمكنا من الحصول عليها بموقع وزارة العدل التونسية وجاء بخصوص هذه الاتفاقية بالموقع المذكور أنه قد "خضع الباي إلى إمضاء اتفاقية المرسى بتاريخ 8 جوان 1883، التي نصت ضمن أحكامها على إجراء إصلاحات على التنظيم القضائي المنتصب بالمملكة." وتتضمن هذه الاتفاقية 5 فصول باللغة العربية واللغة الفرنسية أمضاها الباي التونسي في تلك الفترة والمقيم العام الفرنسي، كما تجدونها في هذا المقال.



في مرحلة ثانية قمنا بالاتصال بأستاذ التاريخ خالد عبيد، الذي أكد لنا أن هذه الاتفاقية تم إبرامها بتاريخ 8 جوان 1883، وقال " تم إمضائها بتاريخ 8 جوان 1883، وهذه الاتفاقية تم من خلالها تقنين الحكم المباشر في تونس بحيث أنه بداية من هذه الاتفاقية ستتحول تونس من دولة محمية إلى دولة مستعمرة وتصبح تونس تحت الحكم المباشر الفرنسي فعلا، تم إمضاؤها من قبل على باي." كما أفاد أنه "من خلال هذه الاتفاقية وتحديدا في الفصل الثاني منها، تم فرض الحكم المباشر في تونس وألغى ما تبقى من السيادة للدولة التونسية." كما صرح بخصوص معاهدة باردو 1881 أن " هذه المعاهدة والتي تم تسميتها بمعاهدة الحماية، سلبت تونس بعضا من سيادتها، خاصة السيادة الخارجية والسيادة الأمنية، وتم إمضائها من قبل الصادق باي." 

في نفس السياق اتصلنا بأستاذ التاريخ محمد ضيف الله الذي صرح لنا بأن "اتفاقية المرسى تم إمضائها بتاريخ 8 جوان 1883، واتفاقية قصر السعيد لسنة 1881، تهم الجانب الأمني أساسا وما يتعلق بالشؤون الخارجية، أما اتفاقية 8 جوان 1881، هي التي سمحت لفرنسا بالتحكم داخل التراب التونسي (التحكم في الأمن الداخلي والجانب المالي والإدارة والوزارة) وهما اتفاقيتان مكملتان لبعضهما." كما قال أن "اتفاقية المرسى 1883، هي التي كرست الاستعمار عمليا، حيث سمحت لفرنسا بتركيز سلطتها داخل الإدارة التونسية، خصوصا من خلال(Les contrôles civils)  حيث تم نزع كل السلطات من الباي وغيرها."

استنادا إلى المعطيات المذكورة في هذا المقال، نؤكد أن تاريخ إمضاء اتفاقية المرسى المتعلقة بالاستعمار هو 8 جوان 1883، وليس 1884، كما صرح رئيس الجمهورية. ومن خلال هذه المعلومات تم تصنيف تصريح رئيس الجمهورية بخصوص تاريخ اتفاقية المرسى بالزائف.