تفسيري

سفينة إكسيلو: من مخاوف تسرب الغازوال إلى حمولة من ماء البحر !

تفسيري

سفينة إكسيلو: من مخاوف تسرب الغازوال إلى حمولة من ماء البحر !

جدّ  يوم الجمعة 16 أفريل 2022 حادث غرق سفينة الشحن “إكسيلو” التي تحمل علم غينيا الاستوائية في خليج قابس، وسارعت السلط التونسية منذ ذلك الحين إلى أخذ "التدابير اللازمة" للحد من وقوع كارثة بيئية بحرية بالجهة، هذه الحادثة التي تحمل في طياتها العديد من الألغاز أثارت مخاوف التونسيين بسبب تضارب الروايات المتعلقة بها. قمنا في هذا المقال بجمع كافة المعطيات والتفاصيل التي صدرت من مختلف الجهات المعنية منذ اللحظات الأولى لغرق السفينة إلى غاية اليوم . 

لعلّ من أبرز الأسباب التي تجعلنا نتفهم تخوف الناس وتوجّسهم من قصة السفينة هو أوّل درس تعطيه كافة كليات الصحافة في العالم وهو "أنّ المقوّمات الأساسية لخبر متكامل هي الإجابة عن الأسئلة الخمس؛ من؟ ماذا؟ أين؟ متى؟ لماذا ؟  وبعد جمع كافة المعلومات المتعلقة بسفينة "إكسيلو" نجد أن الإجابة عن أسئلتنا الأساسية تختلف في كل مرة عن سابقتها ما جعل أمر هذه السفينة مريبا ويدعو إلى القلق. 

تطور الأجوبة عن الأسئلة الخمس المتعلقة بخبر غرق السفينة

الرواية الأولى  

من؟   سفينة قادمة من ميناء دمياط إلى ميناء مالطا

ماذا؟ غرق سفينة محملة بـ750 طنا من الغازوال

متى؟ يوم 16 أفريل 2022

أين؟ في سواحل قابس 

لماذا؟ بسبب سوء الأحوال الجوية

الرواية الثانية

من؟   سفينة لا يعلم أي أحد من أين أتت ولا إلى أين تتجه

ماذا؟ غرق سفينة محملة بمياه البحر

متى؟ يوم 16 أفريل 2022

أين؟ في سواحل قابس

لماذا؟ بسبب سوء الأحوال الجوية



بدأت القصة ببلاغ نشرته وزارة البيئة يوم 16 أفريل في صفحتها الرسمية بموقع فايسبوك جاء فيه أنّ مياه البحر تسربت إلى داخل غرفة محركات سفينة الشحن التجارية XELO الحاملة لراية غينيا الاستوائية المحمّلة حسب الوزارة بحوالي 750 طن من مادة الغازوال.

تلك السفينة التي قالت الوزارة في روايتها الأولى أنها قادمة من ميناء دمياط المصري ومتجهة إلى مالطا، حال سوء الأحوال الجوية وهيجان البحر دون مواصلة مسارها. فطلبت من السلط التونسية تمكينها من الدخول للمياه الإقليمية وإثر السماح لها بذلك رست السفينة على بعد حوالي 7 كيلومترات من سواحل خليج قابس.

 

"رئيس الجمهورية كلّف الجيش البحري بالإشراف على عمليات الإنقاذ في سبيل الحيلولة دون تسرب الغازوال إلى البحر تجنبا لكارثة بيئية بحرية " هذا ما أكده بلاغ صدر بالتوازي عن رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع الوطني وذكرأيضا  أن السفينة “إكسيلو” كانت  قادمة من دمياط في اتجاه مالطا محملة بالوقود". وذلك بعد ورود أنباء عن غرق السفينة.


لتنطلق "عمليات الغوص قصد معاينة وضعية السفينة تحت إشراف وزيرة البيئة ووزير النقل بالتوازي مع بداية عمليات التدخل. 

وأعلنت وزارة النقل في بيان يوم 17 أفريل 2022، أنه، "وحفظا لحقوق الدولة التونسية، فقد تم الشروع في التحقيق البحري، حسب ما يستوجبه القانون البحري الوطني والاتفاقيات الدولية المعروفة للوقوف على الحيثيات الحقيقية لحادث غرق السفينة "إكسيلو" في مياه خليج قابس، والتثبت من طبيعة نشاطها والتعرّف على تحركاتها خلال الفترة الأخيرة، واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة فيما ستؤول إليه نتائج التحقيق.

وأوضحت الوزارة أن السفينة كانت قد رست بميناء صفاقس من 4 إلى 8 أفريل الجاري، للقيام بتغيير الطاقم والتزود بالمؤونة والقيام ببعض الإصلاحات الخفيفة دون عمليات تجارية. 

وأشارت الوزارة إلى أن خلية الأزمة بالوزارة وديوان البحرية التجارية والموانئ، تتابع كل مراحل التدخل وسيتم إفادة العموم بكل مستجد في هذا الموضوع.

وتم حسب وزارة البيئة يوم 19 أفريل 2019 عملية شفط القازوال المتسرب من محرك الباخرة بنجاح وقد رافقت بلاغ صدر في الغرض مجموعة صور توثق العملية.
.


 

وقد وصلت في نفس اليوم سفينة عسكرية إيطالية لمكافحة التلوث أرسلتها روما قبالة سواحل خليج قابس للمساعدة في عمليات سحب مادة الغازوال من سفينة اكسيلو.

وفي إطار تقديم آخر المستجدات المتعلّقة بعملية التدخل للحيلولة دون وقوع تلوث بحري إثر غرق الباخرة  نشرت وزارة الدفاع الوطني يوم 21 أفريل بلاغا للرأي العام تقول فيه إنه " تم إلى حدود يوم 21 أفريل الجاري بالتعاون بين جيش البحر وديوان البحرية التجارية والموانئ وشركات تونسية خاصّة تعمل في المجال البحري والباخرة العسكرية الإيطالية :

الانتهاء من عملية تصوير مدقق لجميع مقرات السفينة الغارقة وشبكة ضخ المحروقات تحضيرا لعملية الشفط

غلق جميع منافذ التسربات الطفيفة التي تم رصدها خلال عمليات الغوص الأولى.

تركيز علامة ضوئية لتأشير منطقة الغرق ضمانا لسلامة الملاحة. 

الانتهاء من وضع مخطط التدخل لشفط كمية الغازوال. 

التنسيق مع الشركات التونسية الخاصة المزمع تكليفها بعملية الشفط . 

تركيز المعدات المزمع استعمالها في عملية شفط المحروقات من داخل الباخرة عن طريق وحدات تابعة لجيش البحر وديوان البحرية التجارية والموانئ والباخرة العسكرية الإيطالية وشركات تونسية خاصة تعمل في المجال البحري. 

وسيتم فتح منافذ خزانات الوقود بالباخرة المذكورة لتحديد الكمية الجملية للغازوال المحتجز قصد إعداد الحاويات التي سيتم إستغلالها في عملية تفريغ المحروقات".

سفينة محمّلة بماء البحر !

"السفينة ''إيكسلو'' الغارقة في خليج قابس لا تحتوي أي غازوال و خزانات السفينة فارغة، هي لا تشكل أي خطر للتلوث حاليا. و سيتم إيقاف جميع العمليات والنظر في إمكانيات انتشالها في المرحلة القادمة " حسب بلاغ أصدرته يوم 22 أفريل 2022 وزارة البيئة، بلاغ أثار ضجة كبرى على وسائط الميديا الاجتماعية  فــ"بعد عمليّات الغوص من قبل غوّاصين مختصّين من جيش البحر وفريق غوص إيطالي مجهّزين بكاميرا وعتاد خاصّ ومعاينة وفتح جميع خزّانات وقود السفينة، تبيّن أنّها خالية من مادّة الغازوال حيث كانت مملوءة بماء البحر." حسب بيان آخر صادر عن وزارة الدفاع الوطني والذي جاء فيه أيضاً أنّ" برج قيادة السفينة تمّ تخريبه عمدا مع تحطيم جميع أجهزة الملاحة. وأشار إلى أنّ الجهود ستنصرف في الأيّام القادمة لانتشال السّفينة المذكورة بعد إتمام الإجراءات القانونيّة في شأنها. وفي هذه الأثناء، يتواصل التنسيق بين كل الأطراف للسيطرة على هذه الحادثة وذلك تحت قيادة جيش البحر".


فتح تحقيق في الغرض

أكد وكيل الجمهورية بقابس محمد الكراي يوم 22 أفريل 2022  أن النيابة العمومية فتحت تحقيقا في حادثة غرق السفينة للوقوف على حيثياته والتثبت من طبيعة نشاط السفينة والتعرف على تحركاتها خلال المدة الأخيرة وأكد أن أفراد طاقم السفينة المكوّن من سبعة أشخاص تم "الاحتفاظ بهم بتهمة إتلاف وإعدام بنية الإجرام سفينة عمدا" قبل أن يحجر عليهم السفر في وقت سابق. وطاقم السفينة مكون من قائد جورجي وأربعة أتراك وشخصين من أذربيجان.


السلطات المصرية والغينية الاستوائية على الخط

نفت السلطات المصرية خروج السفينة الغارقة في قبالة خليج قابس من موانئها. وكشفت هيئة ميناء دمياط أن السفينة التي ترفع علم غينيا لم يسبق استقبالها بالميناء على الإطلاق.


وجدير بالذكر أنّنا قمنا باستخدام اداة تتبع السفن Vesselfinder حيث توضح أن السفينة بقيت منذ يوم 11 مارس الى غاية يوم 29 مارس بميناء مالطا لتغادره لتصل الى ميناء صفاقس بتاريخ 04 أفريل 2022 .
وأكد مدير الاتصال بديوان البحرية التجارية والموانئ الصحبي عزوز لـ"تونس تتحرى" أن هذه السفينة غادرت ميناء صفاقس يوم 08 أفريل 2022، ولم يتسنّ مراقبة مسارها منذ ذلك الحين حيث غابت كليا عن جهاز تعقب السفن AIS.



ومن جهته أعلن نائب رئيس غينيا الاستوائية أنّه تمّ إيقاف 395 سفينة تحمل علم بلاده بطريقة غير قانونية يوم  21 أفريل 2022، ويأتي ذلك بعد 5 أيام من حادثة غرق السفينة إكسيلو  في خليج قابس، وقال تيودورو نغويما أوبيانج مانجو في تغريدة على حسابه بتويتر "هناك أكثر من 300 سفينة في العالم تعمل بشكل غير قانوني تحمل علمنا.. لقد أطلقنا آلية لحل هذه المشكلة وتجنبها في المستقبل.. علم غينيا الاستوائية لا يمكن أن يكون وجها للاحتيال الدولي".المسؤول الغيني الاستوائي أعلن رفضه بشكل تام أن يتم إصدار تصاريح لمالكي سفن ''مشبوه فيها"، وحتى توضيح وضع سفينة إكسيلو لن يتم إصدار أي ترخيص.