تفسيري

برلماني.. رئاسي.. وما بينهما.. تعرف/ي على أهم الأنظمة السياسية وتطورها عبر التاريخ

تفسيري

برلماني.. رئاسي.. وما بينهما.. تعرف/ي على أهم الأنظمة السياسية وتطورها عبر التاريخ

تسير تونس اليوم نحو انتخابات تم تحديد موعدها في 17 ديسمبر 2022 بعد أن تم الإعلان عن نتائج الاستشارة الوطنية الكترونية، واقتراب موعد تنظيم استفتاء شعبي حول مشاريع الإصلاحات الدستورية في 25 جويلية 2022. وبعد أن جمد قيس سعيد نشاط البرلمان منذ 25 جويلية 2021 موعد الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية التي رآها صالحة لحل الأزمة السياسية في البلاد  اتجه إلى حل البرلمان في 31 مارس 2022، ومن التوجهات التي من الممكن أن يعلن عنها قيس سعيد بعد هذه الفترة هو تغيير النظام السياسي المعتمد في البلاد.

من المتوقع أن يسعى رئيس لجمهورية قيس سعيد وفق أغلب الآراء إلى تغيير النظام السياسي في البلاد بعد أن قام أيضا بتعليق الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 والمحافظة فقط على بابيه الأول والثاني، مع فتح باب الاستفتاء الشعبي، "تونس تتحرى" بحثت في أهم الأنظمة السياسية وتطورها عبر التاريخ.

من اليونان القديمة إلى الثورات الفرنسية والبريطانية

منذ بدأت التجمعات البشرية بدأ الإنسان في نسج القيادات التي تنظم مجال عيشه لضمان التعايش والمصالح المشتركة بين المجموعات ليظهر تنظيم القبائل المبني على القائد المنظم لقرارات القبيلة وكل ما له علاقة بالتعايش السلمي بين الأفراد في القبيلة أو القبائل المجاورة ، ومع التطور البشري وتنقله للزراعة والرعي تغيرت أساليب الحياة وظهرت القرى  التي تحولت لاحقا إلى مدن كبرى، ويبقى اليونان أول من سن الأنظمة السياسية ووصل الفلاسفة اليونانيون إلى وضع تصورات للقيادة.

وفي المشرق ظهرت كذلك بعض التطورات السياسية في الحكم الذي انطلق مع الحضارة الفرعونية التي عمدت إضافة إلى منح الحاكم السلطة السياسية تأليهه ليصبح حاكما سياسيا ومعبودا دينيا ، وتتالت التطورات السياسية في المشرق إلى حدود قيام الحضارة البابلية التي كانت رائدة في النظم السياسية وصولا إلى شريعة حمورابي والمتمثلة في مجموعة قوانين بابلية يبلغ عددها 282 مادة قانونية سجلها الملك حمورابي سادس ملوك بابل على مسلة كبيرة مازالت موجودة إلى اليوم في متحف اللوفر بباريس.

وعادت أوروبا مجددا بظهور الإمبراطورية الرومانية التي لعبت دورا استعماريا كبيرا وفرضت فيه نظامها السياسي الملكي المركزي المبني على حكم القانون الذي تم وضعه، ما شكل بداية لظهور الدولة بمفهومها الحديث. غير أن النظام الروماني لم يثبت طويلا وشهد شرخا كبيرا في العصور الوسطى بظهور النظام الإقطاعي لتظهر أنظمة اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة مبنية على حكم محلي يعتمد على ملكية الأفراد من الطبقة الإقطاعية للأراضي التي تشكّل الوسائل الإنتاجيّة، ومن ثمّ استغلال الفلاحين للعمل فيها كما حدّدَ هذا النظام نوعية طبقات الأفراد في المجتمع؛ ممّا أدّى إلى ظهور مصطلح المُجتمع الإقطاعيّ الذي وضع قوانين جديدة للمفاهيم الاجتماعية والاقتصادية في فترة حكم أصحاب الأراضي والإنتاجية.

وجاءت الأديان لتضع مفاهيمها الخاصة بالنظام السياسي لأتباعها،  لم يستطع اليهود أن يقيموا دولة خاصة بهم، أما المسيحية فقد سيطرت على ملكيات أوروبا، وراحت تنازعها في ملكها. اضطرب حينها مفهوم الدولة، وراح النظام السياسي يتأرجح ما بين السلطة الروحية والسلطة الدينية، واستمر ذلك إلى أن حسمت الثورات الفرنسية والبريطانية مدنية الدولة في مفهومها الحديث، وهو القائم على أسس الأرض والشعب والسيادة.
فيما بعد جاء الإسلام ليتخطى مفهوم الدولة ذات الحدود معتمدا القرآن دستوراً لها في دولة ذات سلطة مركزية تابعة للخليفة، وكان نظامها السياسي قائما على أسس دينية بحتة، كالعدل والشورى والمساواة. ولكن صراعات الحكام المسلمين دفع بالدولة الإسلامية إلى الأفول، وكانت آخر نماذجها السلطنة العثمانية.
اعتمدت بريطانيا النظام الديمقراطي، فكانت أولى الدول التي تبنت نظاماً سياسياً لها قائماً على الانتخاب. ثم تلتها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتشر في معظم بلدان العالم خاصة بعد الحربين العالميتين.

الأنظمة السياسية :

تتعدد الأنظمة السياسية التي تقوم بها شؤون الدول والحكومات وهذه الأنظمة هي ما يأتي:

       الديمقراطية المباشرة تعتبر الديمقراطية المباشرة  أول طريقة للحكم من خلال السيادة المباشرة من الشعب من غير أن ينوب عنه أحد، وقد ظهر هذا النظام السياسي أول مرة في اليونان حيث كان يتجمع المواطنون على شكل جمعيات لتتخذ القرارات الضرورية التي ترتبط بالتشريع وسن القوانين ومن بين الدول التي تعتمد هذا لنظام سويسرا.

 

      الديمقراطية النيابية والتي تعني أنّ الشعب هو صاحب السيادة من خلال أن يعهد بها إلى نواب ينوبون عنهم و ينتخبون لمدة معينة ويقوم الشعب بتفويض هؤلاء النواب لممارسة هذه السلطة التشريعية باسم الشعب ووسيلة ذلك البرلمان الذي يعد الممثل للسيادة الشعبية الذي يعبر عن إرادة الشعب.

 

       الديمقراطية شبه المباشرة هي مزيج بين الديمقراطية المباشرة والنيابية وتتميز هذه الديمقراطية بأنها تتشكل من هيئات تمثيلية يتم انتخابها من طرف الشعب وتقوم بممارسة السلطة باسمه ولحسابه تمامًا كما يجري في النظام النيابي لكن إلى جانب هذا فإنه يوجد مشاركة للشعب مباشرة في ممارسة السلطة و تسيير شؤونه بطرق مختلفة.

       النظام البرلماني أو نظام التعاون بين السلطات هو النظام الذي يقوم على الفصل بين هيئتين رئيسيتين في الدولة وهما الحكومة والبرلمان الذي يتم انتخاب أعضائه من قبل الشعب مباشرة ومن هذا البرلمان تتشكل الحكومة التي تدير الدولة ويتاح للبرلمان في هذا النظام أن يسحب الثقة عن الحكومة و يجوز للحكومة حل البرلمان وبناءً على ذلك فهو نظام يعتمد على التعاون بين السلطات وعلى مسؤولية الحكومة أمام البرلمان.

 

      النظام الرئاسي أو نظام الفصل بين السلطات يقوم نظام الفصل بين السلطات على أن السلطة التنفيذية فردية ويتولاها رئيس منتخب وهو رئيس الحكومة و يقع على الوزراء تطبيق السياسة العامة التي يضعها الرئيس ويعتبر هو صاحب الاختصاص في تعيين الوزراء وعزلهم ، يعمل كذلك رئيس الحكومة على توزيع الاختصاصات على أساس الفصل بين السلطات شبه المطلقة حيث لا يجوز الجمع بين عضوية البرلمان والحكومة بالنسبة إلى النواب والوزراء- وهو نظام حكم يقوم على فصلٍ صارم بين السلطات التنفيذية (الرئيس) والتشريعية (البرلمان) والقضائية ويمنح صلاحيات واسعة للرئيس، في حين يتميز النظام شبه الرئاسي بانتخاب الرئيس لكن الحكومة تنبثق من البرلمان وتكون مسؤولة أمامه وأمام الرئيس، وتتجمع السلطة التنفيذية في يد واحدة؛ وهي يد رئيس الدولة وحده، الذي يجمع بين صفتي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويملك اختصاصات وصلاحيات الصفتين. ويساعد الرئيس في القيام بمهامه مجموعة من المعاونين أو المساعدين ؛ يأتي في مقدمتهم أمناء ليسوا وزراء.

●     النظام شبه الرئاسي يتميز النظام شبه الرئاسي بأنه يجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني حيث إنّه يتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية من خلال عملية انتخابية واقتراع عام وبناء على ذلك يصبح رئيس الجمهورية متمتعا بصلاحيات وسلطات خاصة ويوجد بجانبه وزير أول يعمل على إدارة الحكومة و هذه الحكومة تكون قابعة تحت مراقبة البرلمان الذي يستطيع أن يسقطها.

●     الحكومة البرلمانية تمنح رئيسها الذي يصل للموقع عبر أغلبية برلمانية في الانتخاب تمنحه سلطات واسعة تتفوق على سلطات رئيس الجمهورية ومثال ذلك فإنّ النظام الفرنسي الذي أصبح يعزل الوزير الأول مع أنّ الدستور لم ينص على ذلك، ونجد عكس ذلك في النظام النمساوي الذي يتمتع فيه الرئيس بنفس الصلاحيات التي للرئيس الفرنسي إلا أنّه بموقع أضعف ويشبه موقعه بالنظام البرلماني.
●    النظام الجمهوري يتكون من حكومة يمارس فيها شخص منتخب من طرف الشعب وهو الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية ويتم الانتخاب بعدة طرق وقد ينتخبه البرلمان وبالتالي يكون مسؤولا أمامه وأمام الشعب بطريقة مباشرة أي تكون سلطته واسعة جدا.
ينقسم النظام الجمهوري إلى ثلاثة صور فقد يكون الفرد مصدر السلطة أو فئة قليلة من الأفراد أو الشعب.
الحكومة الفردية: وهي الحكومة التي تتركز فيها السلطة في يد فرد واحد ومباشرتها سواء كان قد وصل إلى منصبه بالوراثة أو بالقوة فإذا كانت الوراثة هي التي أوصلته إلى السلطة فيسمى ملكا أو إمبراطورا أو قيصرا ويطلق عليه لقب الديكتاتور وإذا كان وصوله إلى الحكم عن طريق المقدرة الفكرية الشخصية الذاتية.
الحكومة الأقلية: وهي تلك الحكومة التي يتولى السلطة فيها فئة قليلة من الأفراد فلا ينفرد بالسلطة فرد واحد فتسمى بالأوليجارتية، وقد تكون من طبقة الأغنياء فيطلق عليها اسم الحكومة الأرستقراطية ولذلك في حال وضع السلطة في يد مجموعة من الأفراد المتميزين من حيث المركز الاجتماعي والعلمي كما يتولى السلطة فيها إطارات وقيادي الأحزاب السياسية.
 حكومة الشعب أو الحكومة الديمقراطية: وتتركز السلطة في يد الشعب وهو صاحب السيادة.

●    النظام الملكي الحكومة الملكية هي تلك الحكومة التي يمارس فيها الملك الحكم عن طريق الوراثة لمدة غير محددة وقد يطلق على الملك اسم آخر غير اسم الملك مثل الأمير أو السلطان أو الإمبراطور، ومن المتفق عليه أن الملك غير مسؤول نظرا لكون ذاته مصونة من الخطأ.
 
الملكية المطلقة : وهي الملكية المستبدة التي لا يكون الملك فيها مقيدا بالقانون أو غيره من الضوابط ويستحوذ على السلطة بمفرده وقد وجدة في كل المجتمعات القديمة مثل مصر وبابل، كما توجد حاليا في بعض البلدان النامية.
الملكية المقيدة: وهي الملكية التي يحوز فيها الملك على كامل السلطة ويمارسها بمفرده ولكنه يحترم القوانين السائدة ولو نسبيا * الملكية الدستورية الثنائية: هنا يقتسم الملك السلطة التشريعية مع البرلمان وما عدا ذلك من السلطات فتعود إليه بمفرده وقد يعين حكومة تمارس السلطة التنفيذية لكنها مسؤولة أمامه.
الملكية الدستورية البرلمانية: وهنا يسود الملك ولا يحكم حيث يمارس الحكم من طرف البرلمان المنتخب في مجال التشريع ومن طرف السلطة التنفيذية المنبثقة عنه في مجال التنفيذ.
قد يكون نظام الفصل بين السلطات الذي يقوم على أن السلطة التنفيذية فردية ويتولاها رئيس منتخب وهو رئيس الحكومة ويقع على الوزراء تطبيق السياسة العامة التي يضعها الرئيس ويعتبر هو صاحب الاختصاص في تعيين الوزراء وعزلهم ويقومون بتطبيق كل القرارات التي يتخذها الرئيس بصفة فردية  أقرب نظام سياسي يتوجه رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى اعتماده وهذا ما ستكشف مدى صحته الأسابيع المقبلة.