تفسيري

ما هو جدري القرود؟ كيف تنتقل عدواه؟ ماهي درجة خطورته؟ هل توجد طرق للوقاية منه وعلاجه ؟

تفسيري

ما هو جدري القرود؟ كيف تنتقل عدواه؟ ماهي درجة خطورته؟ هل توجد طرق للوقاية منه وعلاجه ؟

ما يزال العالم رازحا تحت وطأة سنتين من المعاناة والمآسي التي خلّفتها  جائحة كورونا حاصدة حتى اليوم أكثر من 6 ملايين من أرواح بني جنسنا البشريّ، حتى خيم علينا منذ أيام شبح جديد أقلق مضاجعنا وأعاد الى أذهاننا كابوسا بالكاد بدأت بلدان العالم في الاستفاقة منه. تتداول جميع المواقع الاخبارية العالمية والمحلية والصفحات على الوسائط الاجتماعية وروادها خبر انتشار مرض يعرف بـجدري القرود (Monkeypox)  حيث أصدرت منظمة الصحة العالمية يوم 20 ماي 2022، بلاغا أعلنت فيه أن مرض جدري القرود منتشر حاليا في 11 دولة حتى الآن وقد رصدت هذه البلدان  حوالي 80 حالة مؤكدة ، و 50 حالة مشبَه بإصابتها. ورجحت المنظمة أن يتم الإبلاغ عن المزيد من الحالات مع توسع المراقبة. مازال هذا المرض غامضا في أذهاننا ! ما دعا "تونس تتحرى" للبحث عن كافة المعلومات المتوفرة عنه حاليا... فما هو جدري القرود ؟ كيف تنتقل عدواه؟ ما هي درجة خطورته؟  و هل توجد طرق للوقاية منه وعلاجه؟


ما هو جدري القرود ؟

ينتمي فيروس جدري القرود حسب منظمة الصحة العالمية، إلى جنس الفيروسة الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري.

 وقد تمّ اكتشافه بالمعهد الحكومي للأمصال في كوبنهاغن الدنماركية أثناء فحص بعض القردة التي كانت تعاني من أعراض شبيهة بالجدري.

وقد رصدت أول اصابة بجدري القرود بين البشر سنة 1970 عند صبي بالغ من العمر 9 سنوات بجمهورية الكونغو الديمقراطية كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968. وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا، وخصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلعت فيها فاشية كبرى للمرض في عامي 1996 و1997.

و ينتقل جدري القرود طبيعيا من الحيوانات إلى البشر والعكس صحيح وينحدر من نفس عائلة الجدري البشري كما يشبهه في الأعراض. ويقول المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أنّ "أعراض جدري القرود عند البشر متشابهة مع أعراض الجدري ولكنها أخف من ذلك". اذ يبدأ جدري القرود حسب نفس المصدر بالحمى والصداع وآلام العضلات والإرهاق. يتمثل الاختلاف الرئيسي بين أعراض الجدري وجدري القرود في أن جدري القرود يتسبب في تضخم الغدد الليمفاوية  بينما لا يحدث ذلك في حالة الإصابة بالجدري. عادة ما تكون فترة الحضانة (الفترة من الإصابة إلى ظهور الأعراض) لجدري القرود من 7 إلى 14 يومًا ولكن يمكن أن تتراوح من 5 إلى 21 يومًا.

كيف تنتقل عدوى جدري القرود؟

وجدري القرود حسب الموقع العلمي science direct هو أحد فيروسات الحمض النووي (ADN)، وليس حمضاً نووياً ريبوزياً (ARN) مثل كوفيد-19 أو الإنفلونزا، لذا فهو لا يتحور بالسرعة نفسها.

تقول منظمة الصحة العالمية أنّ العدوى بالمرض تنجم من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية،.

ويمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات التنفس لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عند ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخراً بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.

ينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهاً لوجه، مما يعرّض خاصة أفراد نفس الأسرة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير. كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة (جدري القردة الخلقي).  حسب ما جاء في تعريف منظمة الصحة العالمية للمرض.

ما مدى خطورته؟

ويمكن تقسيم  العدوى بجدري القرود إلى فترتين كالتالي:

  • فترة الغزو : يمكن أن تتراوح من صفر الى 5 أيام، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد وفقدان الطاقة.
  • فترة ظهور الطفح الجلدي: تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى وتتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويشتد الطفح الجلدي على بشرة الوجه في في 95% من الحالات وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين عند 75% من المصابين. ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من بقع مسطحة إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل وبثرات تليها جلبات ويمكن أن تلازم المريض لمدة  ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.

ويتراوح عدد الآفات بين بضع آفات وعدة آلاف منها، وهي تصيب أغشية الفم المخاطية (في 70% من الحالات) والأعضاء التناسلية (30%) وملتحمة العين (20%)، فضلاً عن قرنيتها .

ويُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة.

وعادةً ما يكون جدري القردة مرض محدود ذاتياً وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.

ويشهد معدل الوفيات الناجمة عن المرض تبايناً كبيراً بين الأوبئة ولكنّ نسبته لا تتجاوز 10% تحدث معظمها في صفوف الأطفال.

هل توجد طرق للوقاية منه وعلاجه ؟

تقول منظمة الصحة العالمية في هذا الاطار أنه "لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة متاحة لمكافحة عدوى جدري القرود، وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري المرض، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحاً لعامة الناس بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم. ورغم ذلك فإنه من المُرجّح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مساراً أخف وطأة.