مضلل

هل يمثل سكان قطاع غزة 80% من الناس المهددين بالمجاعة في العالم؟

مضلل

هل يمثل سكان قطاع غزة 80% من الناس المهددين بالمجاعة في العالم؟

نشر النّائب بالبرلمان الفرنسي التابع لحزب  "la France insoumise" ''فرنسا الأبية'' ، توماس بورت ''Thomas Portes''، يوم الأحد 21 جانفي 2024 على حسابه الرسمي على منصة " ايكس (تويتر سابقا) بالّغة الفرنسيّة :  ''"تقدر الأمم المتحدة أن 80% من الأشخاص المهددين بالمجاعة في جميع أنحاء العالم يتواجدون في قطاع غزة". تمت مشاهدة  التّغريدة أكثر من 510 ألف مرة. وأثارت  العديد من التفاعلات ضمن صفوف  روّاد موقع ايكس، حيث  أكد العديد من متابعيه أن هذا الأمر مستحيل، وأن النائب "يخطئ تمامًا ". 

وكانت التدوينة  على إثر إعلان وكالة الأمم المتحدة لبرنامج الأغذية العالمي, أن قطاع غزة يواجه "تهديدًا بمجاعة قريبة"، في ظل التصاعد الحالي "للنزاع بين إسرائيل وحركة حماس''. وقد وصفت الوكالة التابعة للأمم المتحدة الوضع بأنه "كارثي"، في حين تواجه المساعدات الإنسانية صعوبات في الوصول إلى الأراضي الفلسطينية.

تحقق فريق تونس تتحرّى في هذذ المعطيات و تبيّن أنّها مضلّلة. 

https://twitter.com/Portes_Thomas/status/1749007215069921322


قمنا في مرحلة أولى بالتثبت من  التّغريدة ووجدنا أنّ الصّورة المرفقة نشرت  بمقال على  صحيفة "لو موند" ''Le Monde'' الفرنسية.  حيث استند كاتبه  " Jean Pierre Filiu " على  مقابلة أجراها الاقتصادي الرئيسي لبرنامج الأغذية العالمي في الأمم المتحدة، آريف حسين، في 03 جانفي 2024 ، والتي نُشرت في المجلة "ذا نيو يوركر" ''The New Yorker''  (هي مجلة أمريكية تنشر تقاريرا والتعليق والنقد والمقالات والروايات والسخرية والكرتون والشعر. ) 


 المقال يستعرض مقابلة أُجريت مع أريف حسين، الاقتصادي الرئيسي في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي أكد خلالها أن تقديرات تحليل الأمان الغذائي تشير إلى أن تقريبًا كل سكان غزة يعانون من أزمة أمان غذائي أو حالة أسوأ. ويُشدد على أن الوضع يستدعي التحرك العاجل لتفادي حدوث مجاعة في المستقبل القريب.  و يُشير إلى ضرورة تأمين إمدادات غذائية ومواد أساسية لسكان قطاع غزة، حيث يفتقرون إلى الغذاء والمياه والدواء، وكيف أنّ هذه الإمدادات يجب أن توزع بشكل فعّال للوصول إلى جميع الناس. يتحدث الاقتصادي الرئيسي لبرنامج الأغذية العالمي عن أهمية التحرك الإنساني الفوري لتفادي الجوع، مع التركيز على الحاجة إلى هدنة إنسانية لضمان توزيع الإمدادات بشكل آمن.و  يشدد على أن قطاع غزة بحاجة إلى كميات أكبر من الطعام والوقود والدواء، وأن هذه الجهود يجب أن تُكمل بشكل فعّال. التقرير الأممي الذي تم إعداده بالتعاون مع العديد من الهيئات يتحدث عن حدوث أزمة غذائية غير مسبوقة في غزة، حيث يُشير إلى أن نسبة كبيرة من السكان تعاني من مستويات حادة من عدم الأمان الغذائي، وتحذر من تفاقم الأزمة إلى حدوث مجاعة خلال الأشهر القادمة.


و في الجزء الختامي من المحادثة  قورن عدد الأشخاص الذين يعانون من "عدم الأمان الغذائي الحاد" في قطاع غزة بالمستوى العالمي , الكاتب يتحدث عن الأرقام المرتفعة والمقلقة المتعلقة بمستوى "المرحلة 5" في تصنيف الأمان الغذائي، حيث يُستخدم هذا التصنيف للإشارة إلى الجوع الكارثي. و يُشير إلى أن هناك 

577000 شخص يعيشون في ظروف كارثية من الجوع أي مستوى "المرحلة 5" في غزة و 129000يعيشون في نفس الظروف في بقية انحاء العالم.  

ومن خلال جمع هذين الرقمين، يظهر أن نسبة كبيرة جدًا من الأشخاص الذين يعيشون في المرحلة الخطيرة هم في غزة وهذه النسبة تقدّر ب  80% من سكّان العالم ، مما يجعل الوضع هناك "غير مسبوق. حسب نفس الكاتب. 


في مرحلة ثانية و للمزيد من التثبّت قمنا بالاطلاع  على التقارير التي تمّ الإشارة إليها في المقالات المذكورة سابقا إذ زرنا  الموقع الرّسمي لمنظّمة الأغذية والزّراعة التّابعة للأمم المتّحدة  FAO التي نشرت في  21 ديسمبر 2023,  تقريرا تعبّر فيه عن قلقها العميق بشأن الجوع الحاد في قطاع غزة استنادا على تقرير مبادرة  التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي  (IPC:  Integrated Food Security Phase Classification ). وهي  مبادرة تعاون متعددة الشركاء تهدف إلى تحسين تحليل الأمن الغذائي واتخاذ القرار في مجال التغذية. تعتمد على تصنيف ونهج تحليلي يجمع بين جهود الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وجهات فاعلة أخرى.و  تهدف إلى توفير تحليل دقيق وقائم على الأدلة حول حالات عدم الأمان الغذائي ونقص التغذية الحادة لصناع القرار، سواء في الأوضاع الطارئة أو في وضعيات السياسات والبرامج على المدى المتوسط ​​والطويل. وهو نموذج للتعاون في أكثر من 30 بلدًا على مستوى العالم.

ووجدنا أن  تقريرها الأخير قد ذكرنفس  الأرقام التي أدلى بها الاقتصادي الرئيسي في برنامج الأغذية العالمي, أريف حسين , حيث أن  577,000 شخص بغزة  على مجموع 706,000 بالعالم يواجهون هذا الخطر من المجاعة الحادة. وبالتالي  80% من الأشخاص المهددين  بمستوى المجاعة الحادة في جميع أنحاء يعيشون في غزة.

 تُحدث هذه البيانات حسب البلد وعلى مستوى العالم وتُحدث على موقع برنامج الأغذية العالمي.


نستخلص إذا وفقًا لتوقعات الأمم المتّحدة من خلال مؤشرات IPC ، وصول 26% من سكان غزة إلى  المستوى الخامس من المجاعة، وهو ما يعادل 576,600 شخص.

في حين أن عدد الأشخاص المصنفين بهذا المستوى ببقية أنحاء العالم (باستثناء غزة) يبلغ 128,000 وفقا لتقديرات الموضوعة بين فترة نوفمبر 2023 و فيفري  2024. 



وبناء على ذلك، نؤكد  أن 80% من الأشخاص المهددين بمستوى المجاعة الحادة أي" المرحلة 5" في العالم يتواجدون في قطاع غزة.ما يعني 80%   من  المستوى الخامس  فقط  من مقياس التصنيف وليس من المجموع العام  للمجاعة.

بناء على كلّ المعطيات التي تمّ ذكرها سابقا تصنّف منصّة تونس تتحرّى الخبر ضمن المعطيات المضلّلة.