تفسيري

المراقبة الإدارية - العقوبة وآليات التطبيق

تفسيري

المراقبة الإدارية - العقوبة وآليات التطبيق

بعد 11 سنة تقريبا من التقاضي في قضية الشهيد شكري بلعيد تم النطق بالحكم في حق عدد من المدانين في القضية.  يوم 26 مارس 2024  , قضت الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس بعدد من الأحكام التي تراوحت بين الإعدام وعدم سماع الدعوى ، وبلغ عدد المتهمين في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد التي جدت في 6 فيفري 2013 عدد 23 متهم.  كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن المحكمة قضت في نص حكمها بإخضاع جميع المتهمين لمراقبة إدارية  تتراوح بين 3 و5 سنوات ، ما جعلنا نتساءل عن هذا الحكم القضائي وفتح باب التأويلات القانونية له  في صفوف  رواد ومتابعي مواقع التواصل الاجتماعي .
فما هو  حكم المراقبة الإدارية؟ وماهي مراجعه القانونية وكيف يتم تطبيقه؟

ينص القانون التونسي على مجموعة من الأحكام القانونية متمثلة في الأحكام الأصلية الاعدام ، السجن بقية العمر السجن لمدة معينة العمل لفائدة المصلحة العامة، وبعض الأحكام القضائية  الأخرى على غرار الخطية المالية . وتختلف الأحكام السجنية عموما حسب القانون والتكييف القضائي . وتجدر الإشارة إلى أن المجلة الجزائية التونسية تحتوي  كذلك على عدد من العقوبات التكميلية الواردة في الفصل 5 ومن بينها المراقبة الإدارية.

المراقبة الإدارية

المراقبة الإدارية هي عقوبة تكميلية يتخذها القضاء ويتم تحديد مدتها  من قبل القاضي والتي تصل أحيانا إلى 10 سنوات وتتمثل في تحديد مكان جغرافي محدد لمن يصدر في حقه الحكم ولا يمكنه المغادرة إلا بترخيص من وزارة الداخلية و يتوجب عليه الإعلام قبل التحرك او التنقل . وتجدر الإشارة إلى أن حكم المراقبة الإدارية هو  حكم يتم تنفيذه بعد قضاء المحكوم عليه العقوبة السجنية في عدد من القضايا من بينها الإرهاب والمخدرات وفق ما تراه الهيئة الحكمية.
ومن ناحيتها تقوم السلط الأمنية التونسية بتطبيق هذا الحكم القضائي التكميلي بإمضاء الشخص الصادر في حقه حكم المراقبة بالقدوم في سجلات الحضور في أحد أو عدد من المراكز الأمنية سواء بصفة يومية أو وفق ما تحدده السلطة الأمنية.
وبالاتصال بالمحامي وكاتب عام منظمة مناهضة التعذيب منذر الشارني أكد لنا أن المراقبة الإدارية تعتبر من العقوبات التكميلية الصادرة بحكم من المحكمة  حيث ينص الحكم على تعيين مكان أو تعيين إقامة للمحكوم عليه للبقاء فيها بعد قضاء العقوبة السجنية سواء كان ذلك في عمادة أو معتمدية أو ولاية أو مجموعة من الولايات والتي لا يمكنه مغادرتها إلا برخصة من وزارة الداخلية والسلط الأمنية لأي سبب من الأسباب.  وفي ما يتعلق  بعملية الإمضاء,  أضاف الشارني أنها  تكون بقرار من السلط الأمنية وتدخل في إطار التراتيب الادارية التي تتخذها السلطة الأمنية لتطبيق حكم المراقبة الإدارية وضمان وجود المحكوم عليه في المكان المحدد جغرافيا والمدة المحددة زمنيا في الحكم القضائي. وأشار إلى أن هناك حالات لا يتم فيها الإمضاء غير أن المغادرة تتطلب ترخيصا من السلطات الأمنية حسب قوله.

وفي نفس الإطار أكد القاضي عمر الوسلاتي أن هذه العقوبة التكميلية منصوص عليها في باب العقوبات في المجلة الجزائية التونسية وتكون صادرة عن المحكمة بالمراقبة لمدة معينة وتكون بعد الخروج من السجن بوضع المحكوم تحت المراقبة بعد استيفاء العقوبة السجنية والإمضاء في مراكز الأمن لتأكيد الحضور في دفتر المراقبة الإدارية أو طلب المغادرة وهو نوع من "المراقبة المستمرة اللصيقة حسب خطورة الشخص" . وأضاف الوسلاتي أن المراقبة الإدارية تختص بها السلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة الداخلية أو مراكز الأمن وليس هناك قانون لتنظيمها إذ يقوم المحكوم بالإمضاء بصفة يومية أو مرتين في اليوم أو مرة في الأسبوع إضافة إلى بعض الممارسات الأخرى إذ يمكن للشخص البقاء يوما كاملا في مركز الأمن ولا يمضي إلا مساء ، كما لا يمكنه مغادرة المكان إلا بترخيص من الأمن.
وتنص المجلة الجزائية في قسمها التاسع "في مخالفة منع الإقامة أو المراقبة الإدارية" وفي الفصل 150 في صورة مخالفة التقيد بالمراقبة الادارية على أنه "يعاقب بالسجن مدة عام المحكوم عليه الذي يخالف منع الإقامة أو الذي جعل تحت المراقبة الإدارية ويرتكب مخالفة الواجبات التابعة لها".
ونصّ الفصل 151 على التالي : " فيما عدا الإستثناءات المقررة بالفصل 149 من هذه المجلة يعاقب بالسجن مدة ستة أشهر كل من يتعمد التستّر على محل اختفاء المحكوم عليه الذي ارتكب مخالفة منع الإقامة أو خلّص نفسه من المراقبة الإدارية".


حاولنا من خلال هذا المقال التفسيري تسليط الضوء على المراقبة الادارية وفهم بعدها القانوني وتوضيحه للقراء وتحديد أبعاده القانونية وكيفية تطبيق هذا الحكم القضائي وغاياته.