زائف

هل رفض صندوق النقد الدولي نهائيا إعطاء أي قرض لتونس؟

زائف

هل رفض صندوق النقد الدولي نهائيا إعطاء أي قرض لتونس؟

نشر حساب النائب بالبرلمان السابق ماهر زيد يوم 27 جويلية 2023 تدوينة جاء فيها "بعد أن طالب (رئيس الجمهورية)  يوم الأحد في روما بحل المؤسسة الدولية -مثلما حل مؤسسات الدولة في بلاده-  ، صندوق النقد الدولي يرفض نهائيا اي قرض لتونس هذا العام ". وتداولت هذا الخبر العديد من الصفحات على موقع فيسبوك على غرار صفحة Tunisie 24/24 وصفحة "التربوية التونسية" وصفحة "centre ville sfax" وقد رافق التدوينة صورة احتوت نصا مفاده "مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، أصدر بيانا جاء فيه أن تونس لن تحصل على القرض الذي طلبته في 2023، موضحا استحالة التفاوض مع الحكومة التونسية في غياب الامتثال لقواعد الاقتصاد العالمي الكلي. وجاء هذا بعد أن انتقد قيس سعيد صندوق النقد الدولي وطالب بـ"حله " وكان ذلك في العاصمة الايطالية روما الأحد الفارط".


 راجت هذه الأخبار مؤخرا على خلفية تصريح أدلى به رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 23 جويلية 2023 في العاصمة الايطالية روما حيث دعا إلى "إنشاء مؤسسة مالية عالمية جديدة يتم تمويلها من القروض بعد إلغائها، ومن الأموال المنهوبة بعد استرجاعها لإرساء نظام إنساني جديد حتى يحل الأمل مكان اليأس وحتى يعم الرخاء الجميع" حسب تصريحه.


و بالتحري في حقيقة رفض صندوق النقد الدولي نهائيا إعطاء أي قرض لتونس، اتضح أن هذا الخبر زائف . 







وللتدقيق في المعطيات الواردة في التدوينات قمنا  أولا بالبحث في الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي وفي البلاغات التي أصدرها بخصوص تونس فوجدنا أن البلاغ الأخير المنشور بخصوص تونس كان بتاريخ 22 جوان 2022 وأصدره مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في ختام زيارته إلى تونس يومي 20 و21 أيام ، حسب ماذكرته إدارة الاتصال بالمؤسسة النقدية، وتحدث هذا البلاغ عن أن "صندوق النقد الدولي يستعد لبدء المفاوضات حول البرنامج الحكومي خلال الأسابيع القادمة" وجاء في ختام البلاغ  أن "صندوق النقد الدولي كان ولا يزال شريكا قويا لتونس....وفي هذه المرحلة، يقف إلى جانب السلطات التونسية فيما تبذله من جهود للمضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لصالح شعبها ، وعقب سلسلة من المناقشات الفنية استمرت لعدة شهور، نحن على استعداد لبدء المفاوضات حول البرنامج خلال الأسابيع القادمة." 



"تونس تتحرى" واصلت البحث في مرحلة ثانية عن الخبر المتمثل في أن  "صندوق النقد يرفض نهائيا اعطاء اي قرض لتونس" في عدد من المواقع الإلكترونية الأجنبية والمحلية فلم نجد أي خبر مشابه لما تم ذكره،  فموقع la tribune الفرنسي ، المتخصص في الاقتصاد ، نشر مقالا بتاريخ 26 جويلية 2023 أوضح فيه أن المفاوضات متوقفة بين تونس وصندوق النقد الدولي منذ مدة بسبب رفض تونس الاستجابة لكافة شروط المؤسسة الدولية المانحة ولكن لم يذكر "رفض" صندوق النقد الدولي منح تونس القرض في 2023. 


كما نشر موقع le monde الفرنسي بالشراكة مع وكالة الأنباء الفرنسية َAFP مقالا بتاريخ 26 جويلية 2023، تحت  عنوان "تونس، المفاوضات مع صندوق النقد الدولي متوقفة تمامًا وقد تحدث هذا المقال عن أن "منح هذه المؤسسة قرضًا لتونس، التي تعاني من ضيق مالي، يتعرض للمزيد من التهديد، وفقًا لتحاليل اقتصادية لخبراء ومصادر مقربة من الملف. وقد ورد في المقال أيضا أن "على الرغم من الموافقة الأولية من واشنطن في أكتوبر 2022، إلا أن المفاوضات مع تونس بشأن قرض جديد بقيمة 1.9 مليار دولار تعثرت منذ نهاية عام 2022 وأن التوصل إلى اتفاق سيمنح نفساً جديداً لهذا البلد الذي تتزايد صعوباته والذي يثير قلقاً في أوروبا والولايات المتحدة، وسيؤدي إلى تحفيز تمويل خارجي آخر". ولم يتطرق هذا المقال إلى "رفض صندوق النقد الدولي نهائيا لإعطاء قرض لتونس".


"تونس تتحرى" واصلت البحث في التصريحات الحكومية فوجدنا تصريحا لوزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد خلال جلسة عامة بالبرلمان يوم 28 جويلية 2023الذي أكد أن" اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي يبقى مهما، واذا لم نصل الى اتفاق معه أو إلى بديل، الذي لا نملكه اليوم ، سيكون لنا ترقيم سيادي ضعيف، ولا يمكن لتونس اللجوء الى السوق الدولية للاقتراض وأن الاتفاق ضروري حتى تكون لدينا إمكانيات لتنفيذ مخططات التنمية".


وجدير بالذكر أن السلطات التونسية توصلت الى اتفاق أولي مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، بتاريخ 15 أكتوبر 2022، لتمكينها من قرض بقيمة 1.9 مليار دولار أمريكي، على 4 سنوات من أجل مساندة السياسات الاقتصادية للبلاد. 


وبعد التحري في حقيقة رفض صندوق النقد الدولي نهائيا إعطاء أي قرض لتونس، تؤكد "تونس تتحرى" أن هذا الخبر زائف إلى غاية تاريخ صياغة هذا المقال.